مُتَّشحًا باليقينِ بقلم: الطيب عمر السنوار

 



مُتَّشحًا باليقينِ كدرعٍ قديم،

ومتعبًا من محاولاتِ النجاة،

رفعتُ سلاحي نحو الجميع،

وأطلقتُ اثنَيْ عشرَ رصاصةً دفعةً واحدة:

واحدةً كي يسمعَ العالمُ أني ما زلتُ هنا،

والباقياتِ كي أُسكتَ الأصواتَ التي تنهشني من الداخل.

لم أُصبْ أحدًا،

غير أنَّ قلبي ترنّحَ قليلًا،

ثم جلسَ القرفصاءَ على حافةِ صدري،

ينظرُ إلى الدخانِ المتصاعدِ منّي،

ويقولُ بهدوءٍ يشبهُ الخيانة:

"كلُّ المعاركِ التي خضتَها كانت ضدَّ نفسك

لكنَّك نسيتَ أنَّك أيضًا ساحةُ الحرب".

منذُ ذلكَ اليومِ،

لم أعرفْ إن كنتُ ناجيًا أم ميتًا،

كلُّ ما أعلمهُ

أنَّ المدينةَ ما زالتْ ترتدي رائحةَ البارود،

وأنَّ القرى حينَ تنامُ

تحلمُ بأطفالٍ يولدون دونَ خوفٍ من الأصواتِ العالية.

هذه البلادُ،

تُقاتلُ نفسها كما يُقاتلُ الجسدُ تعبهُ في الليل.

كلُّ طرفٍ يظنُّ أنهُ النور،

ولا أحدَ ينتبهُ أنَّ الدمَ واحد،

وأنَّ الوطنَ – حينَ يُذبح –

يُنزفُ من جهةِ القلبينِ معًا.

الطيب عمر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات