‏إظهار الرسائل ذات التسميات القص. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات القص. إظهار كافة الرسائل

حُلُمٌ أُجْهَض كالعادة.. ق.ق.ج بقلم: محمد الخميسي






 

 


حُلُمٌ أُجْهَض كالعادة ..

قصة قصيرة جدًا ... محمد الخميسي

قد يبدو كلامي للوهلة الأولى عنيفا ، لكنه جاء بِعنف تَحطم مرآةُ باردة.

حلم كنت أرى فيه جمالا ، فأتأهب لأعيشه واقعا .. ولكنه كان يهرب ككل شيء يمضي ويهرب مع العمر .

 و مع كل مساء أجلس لأشكو ضعفي للأرق ، فيرافقني الدمع و غصّة ابتلعها قبل أن تصبح علقمَ حلمٍ .

 وقد تخون الحياة أحلامك ، وقد تغتالها حتى قبل أن تولد ، عندما تشبه أحلامك عَلَقة تحاول الالتصاق بالجدار المتوتر الذي هو الواقع ، و تنتظر الحلم ليحمل به رحم أمنية ، و تتمنى أن تكون مشيمته قوية فتربي الحلم ليكبر و يصبح في الغد القريب جدا حقيقةً من الواقع ،

وتظل تجهز كل الظروف ، وترتبها لانجاز لوحتك ، لتتفاجأ بالإجهاض جاء مثل مصيبة ، حتى أنه يشبه سوط جلاد ، يترك سوطه أثار دماء وندوب . ويظل النَّزْف بلا توقف.

عندها فقط ستتمنى الموت ، لكنك لا تموت ، بل ستبقى لتقاوم الحياة بأكثر من كذبة لتقدمها قربانا و لتستمر بالحياة خيال مآتة يرقِّع حلمه ، و تقوم بوضع الحلم برحم الأمنية كعادتك.. رغم أنك تدرك مسبقا أنه ميت لن تُبعثَ فيه حياة ،

و لكن ماذا عليا أن أفعل إذن حتى يصبح حلمي البسيط حقيقة وواقع ؟

سأتفاجأ بالجواب يقول :

أنت غير صالح لأن تحلم فلا تعاند الحياة ....

م.خ

م.خ 

"نوبة 1" بقلم : Benassou Samia





نوبة ١

أتمسك بدعامة الحائط جيدا كما أتمسك بك الآن ...، أعرف أنك تذكر مثلي أول التشبث، أعرف كان تصريحا صادقا اختلط بالأبوة مرة و بالبنوة أخرى عوض الحب الذي سريعا ما يتهالك.

أسند جسدي تماما كما أسندت كتفي إليك أول مرة في مقهى "الليدو" و أطلق في كل حضن قلق أسئلة تتطاير كما الآن وحدي أتطاير مع هلع الأطفال الذين فقدوا كل شيء و تمسكوا في رؤوسهم بضجة ذاكرة لا تسكت يرتفع صوتها كلما اتحد البرد بالحياد.

أقف بكل خوفي أتمسك بدعامة الأسمنت، أشيح وجهي عن المشهد العام بقوة أغلق عيناي، هذا الثابت الوحيد في رأسي الآن ...، خارجا تُقصف المُدن و ينجو مثلي حائط واحد يدلك على مدينة ماتت دون وصية تذكر... عليك أن تنتبه جدا لتراني، لترى الوجع في دمي و الشتاء في فستاني.

- باحة البيت صغيرة كالمسافة بيننا تتقلص في الباحة وجوه تتحرك أو تتحدث ربما... أُؤكدُ لك أنها تهتز مرة و أخرى تميلُ كتيار يتقطع ثم يعود، صوت كأنه يكرر أسئلة لا تتعلق بهبة كغابة داخلي تحترقُ و عرقٌ غرقُ، صوتي بالكاد يُجيب و أتمسك بك أقصد بالحائط الذي يثبتُ و أنا المتحرك الوحيد الذي يكاد أن يُخلع كباب نخره السوس.

يرتفع صوتها يدوي كصافرة حرب تنذر خطر يعرج في السقف قد يسقط ليقتلنا جميعا و نموت تماما كما مات أبي بقوة تتحرك و يصهلُ هائل صوت نعيمة.

- حمزة، حمزة

- ما به حمزة، يجيبها زوجي

- حرارته، حرارته

- ما بها

- ترتفع

و يهلعان يتجاوزانني جيئة و ذهابا يبحثان عن خافض الحرارة و عن الترمومتر تمر دقيقتان، عشر دقائق و أنا أتمتم و لا أحد يسمع.

حمزة يشتعل كحطب في التنور، حمزة يتفحم، أشم رائحة النار، يعميني الدخان أسعل يتكرر سعالي و حمزة متفحم في مخيلتي، أصرخ مرة اثنتين حمزة، حمزة، يظهر حمزة، يرد يعود من رماده كالفينيق تخبو النار ينقشع الدخان، أتحسسه، لا شيء يرعب، طفيفة جدا حرارته.

-: خافض الحرارة و المحرار في المكان نفسه من عشرات السنين يا عباد ربي

هكذا صرختُ.

أقبلُ شفته الحارة الطرية الحمراء كجمرة لا تُخمد.

- أين قلتِ أين؟ ! يرتفع صوت رضى ليتبدد النص...، أجيبه، اسحب الدرج… يرد الوسطاني أشير له على الطرف الأيمن يذهب يغيب لحظة، يعودُ بيده خافض الحرارة، الترمومتر، و مضاد الالتهاب كلهم في نفس في نفس المكان في نفس البيت في نفس القرية و المدينة و الوطن و... لما الصراخُ ! لا شيء تغير منذ الاستقلال اقصد مند عقد الاستغلال و تحديدًا منذ أن أنجبتُ و خافض الحرارة في مكانه و رافع الضغط بكل أذنابه يدورُ.


هلع 2019

Benassou Samia



نهاية قصة بقلم : خليل شواقفه

 




نهاية قصة


تشقّقت الأرض عن رحمها
جاء باكياً
دبّ فوق سطحها
حانت ساعة الإمتحان
استرق النظرات
 بعثرها في كل الإتجاهات
إستجار بجاره
.........فوجئ بعلّل


خليل شواقفه


َعلى رَصِيفِ الِانْتِظَار بقلم: Raghda Abdulrahim

 





َعلى رَصِيفِ الِانْتِظَار

عِنْدَ آخِرِ مَحَطَّةٍ؛ يُوجَدُ مَقْهَى الْغِيَابِ.

كُلُّ الزَّبَائِن هُنَاكَ مُصَابُون بِلعْنةِ الِانْتِظَارِ؛ يَرْتَشِفُون قَهْوَة الْحَنِينِ وَيتلذَّذُون بِمرارتِها.

 ذَاتَ يَوْم، بَيْنَمَا كُنْتُ جَالِسَةً عَلَى مَقْعَدِيَ الَّذِي اعْتَادَ عَلَى جُلُوسِي عَلَيْهِ؛ حَتَّى صَارَ يُخْبِرُ مَنْ وَدَّ أَنْ يَعْتَلِيَهُ أَنَّهُ مَقْعَدِي، أَتَى شَابٌ أَسْمَر اللوْن؛ مُتوَسط الْقَامَةِ؛ ذُو ملامحَ عَصفت بِهَا الْحيَاة. جلس عَلَى مَقْعَدٍ فِي زَاوِيَةٍ مُقَابلَ الزَّاوِيَةِ الَّتِي أَنْزَوِي فِيهَا، طَلَبَ قَهْوَةَ "حَنِينٍ زِيَادَةٍ".

 أَشْعَلَ سِيجَارَتَهُ المَلعُونة التِي عَبَأَ دُخَانُهَا كُل الْمَقْهَى

 وَكَأَنَّهُ نَاقِصٌ لَعَنَاتٍ...!

 كُنْتُ أُرَاقِبُهُ مِنْ زَاوِيَتِي، تَارَةً يَستنشِقُ دُخَانَ سِيجَارَتِهِ وَطَوْرًا يَرْفَع رَأسَهُ إِلَى السقف وَيَنْفُخُ دُخَانَهَا وَيَأْخُذُ رَشْفَةً مِنْ قَهْوَتِهِ. هَلَكَت السيجَارَة وَلَمْ يَبْقَ سِوَى مَا بَيْنَ سَبابَتِهِ وَوَسَطَاهُ

 رَخَى الْقَبْضَةَ وَأَلْقَى بِمَا بَقِيَ عَلَى الْأَرْضِ وَدَاسَ عَلَيْهَا حَتَّى صَارَتْ فُتَاتًا

 عدَّلَ جِلستَهُ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى خدهِ، وَأندَهقتْ عَيْنَاهُ دَمْعًا

 يَبْدُو أَنهُ شَرَدَ بِأَفْكَارِهِ إِلَى زَمَانٍ مَضَى، لَمْ يَبْقَ مِنْهُ سِوَى الذكْرَيَاتِ

 رَأَيْتُ فِي عَيْنَيْهِ مَقبَرتيْن؛ دفنَ فِيهَا أَحلَامهُ وَأَمانِيَهُ وَحَبِيبَةً خَائِنَة

مَكْتُوبٌ عَلَى جَفْنَيْهِ قَصَص مَنْ وَارَى عَلَيْهِمْ دَمْعُهُ

 لَمْ أَسْتَطِع قِراءةَ القِصَّةِ كَامِلَة لِبُهْتِ جَفْنَيْهِ

 قَرَأت فقط أَنهُ كَان ضحِيَّةً بَيْنَ الْأَحْلَامِ وَالْوَاقِعِ

كَانَ يُحِبُّ وَالِدَتَهُ وَوَالِدَهُ وَإِخْوَتَهُ وحَبِيبَتَهُ. كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُوَفِّرَ لِوَالدِهِ حَيَاةً رَاغِدَة

 كان يُرِيدُ أَنْ يَمْسِكَ يَدَ حَبِيبَتِهِ حَتَّى النِّهَايَة

حبيبته التي أخبرته عِند آخر لقاء قبل عشرة أعوام أنها مسافرة وستعود بعد بضعة أشهر ولم تَعُد

انتصرت عليه الظروف وعاش يتخبط في مأساتهِ..


قصص قصيرة جدا للكاتب الجزائري : عبد الرزاق بوكبة.

 






قصص قصيرة جدا

للكاتب الجزائري المتألق: عبد الرزاق بوكبة.


🔴 سيجارة خاصّة

رغم أنّ بيته بات مثقوبًا، حتّى أنّه يستطيع أن يستضيف فيه الهواءَ الطّلق، إلّا أنّه يصرّ على تدخين سيجارته في بقايا الشّرفة. وفاءً  لأطفاله الذّين كان يُبعدهم عن دخانه قبل أن يُقصدفوا.

خرج ليُدخّن فأدهشه اجتماع المخيّم على شموعٍ وموائدَ هي من بقايا الرّكام ونكتٍ تضحك على جبن جنود الاحتلال!

ظهرتْ له غزّة تُدخّن العالم؛ وتُبعد أطفالها عن الدخان إلى السّماء!


🔴 عطش خاص

حَمَلَهُ العطشُ على تقبّل أن يشرب من البحر، ثمّ حملته الملوحة على طرح الفكرة.

وهو بين ركام حيِّ الزّيتون، وقف على بِركة سوائلَ عرف منها الدم والماء، فعافَ أن يشرب.

باسَ القمرَ المنعكسَ في البِركة حتى ارتوى!


🔴 وجبة خاصة

استحى من تشهّيهِ الزعترَ بزيت الزّيتون، بينما الأفواه والبطون لا تجد خبزًا، فقرّر أن يعتذر بالمغامرة/ الخروج إلى حقل الزّعتر والزّيتون.

تحت زيتونةٍ سمّاها له جدُّه، وقف على مقاومٍ استشهد مبتسمًا، وغيرَ بعيدٍ عنه صحنُ زعترٍ وزيت.

استحى أن يترك البندقية من غير حامل والصّحنَ من غير أكل.


🔴 حضن خاص

فرّق القصف بين ابنته وقطّتها. ارتقت الأولى وجُرحت الثّانية، فصار يُعاملها كما ابنتِه.

حزنت القّطّة على رفيقتها، حتّى أنها زهدت في الجرذان التّي اضطرّها الرّكامُ إلى الخروج!

كثرت إطلالات ابنته عليه في المنام، تطلب منه أن يُرسل إليها قطّتها. وليس من عادته أن يرفض لها طلبًا.

احتضن القطّة باكيا وراح يُعاتبها: أنت تحبّين قطّتك أكثر منّي. طلبتِها ولم تطلبيني!

لم ينته إلى أنه احتضنها أكثر من اللّازم فالتحقت بصاحبتها.


🔴 ولادة خاصّة

لم ينتبهوا إلى صراخه في قسم الولادة بمجمّع الشّفاء: "زوجتي تلد. زوجتي تلد"، فقد تحوّل القسم إلى ملحق لقسم الجراحة لكثرة الإصابات.

كانت زوجته تصرخ في الرّواق حتّى وضعت طفلًا مخنوقًا! إلى جانب أرملة شهيدٍ حاملٍ لفظت أنفاسها فيما ارتفع صراخُ وليدها!

استغلّ إغماءة زوجته وغيّر موضع الطّفلين.— في ‏برج بوعريريج - Bordj Bou Arréridj


في زنزانة الاحتجاز - قصة قصيرة بقلم: د.محسن الرديني


 




------

في زنزانة الاحتجاز         

  قصة قصيرة ....           د.محسن الرديني                                                              احمد شاكر ، شاب جميل، شاعر متدفق، حالم ، ذو رومانسية عالية، يتيم الاب منذ صغره. اوصلته امه الى مرحلة  الدراسة الجامعية بظرف مادي قاس لا يوصف من حيث شدة البؤس والشقاء، كانت تصنع من جريد النخيل وسعفه  مكانس يدوية وتبيعها في السوق الشعبية بسعر زهيد لتوفر له متطلبات الدراسة. كان عند حسن ظنها دائما وتفوق في دراسته ودخل كلية الطب بمنحة حكومية للمتميزين واصبح طالبا مجدا موهوبا من بين اقرانه بل ومشهورا على صعيد الجامعة كلها  كشاعر جهبذ كذلك.  

   احب احمد ، لسوء حظه، زميلة له وهي من دولة خليجية وبادلته الحب بجنون وقررا الزواج بعد التخرج . قبل اسبوع واحد من  بدء الامتحانات النهائية من المرحلة الأخيرة ، نشر احمد  قصيدة فخر وامتنان وتعظيم لامه بعنوان ( سفر امي مع الانين ) شرح فيها معاناة امه من اجله وسهرها على تربيته تربية قويمة وايصاله الى ما وصل إليه ومشاعرها المتوقعة وهي تراه بعد أيام قلائل في طابور الخريجين طبيبا. كانت قصيدة تقطر دما وتفيض حزنا وفخرا ومجدا وعرفانا وكل من قرأها بكى لاجلها. صورت حبيبته الخليجية قصيدته من باب التباهي به وبعثتها لاختها تعلمها بأن حبيبها شاعر كبير من عائلة عصامية محافظة ومتمكن من عمله وموهبته الشعرية، قامت اختها بدورها بعرض القصيدة على امها التي تفاجات بأن ابنتها التي بعثتها لتدرس الطب في العراق لديها حبيب وظروفه كذا وكذا وتنوي الزواج منه بعد ايام قليلة.جن جنون الأم التي لم تحسن التصرف بحكمة وهدوء  وعقل ودراية او خوف حقيقي من ام على ابنتها من التداعيات الخطيرة المحتملة بل سارعت الى اخبار زوجها  بذلك دون حساب العواقب فاقام الزوج الدنيا عليها ولم يقعدها وحزم امره على الفور وسافر الى العراق متوعدا البنت والولد بالويل والثبور وعظائم الامور .التقى أولا بسفير بلاده في بغداد الذي اتصل بقنصل بلاده في المدينة التي تدرس فيها ابنته في محاولة لتاجيل امتحاناتها اوالسماح لها بالسفر او الغاء الدراسة فورا معللا ذلك بمرض امها المفاجئ وحاجتها لها دون تقديم تقارير طبية بذلك او الافصاح عن السبب الحقيقي، لكن الجامعة رفضت ذلك كون الامتحانات ستكون بعد يومين فقط، فاقترح الاب مضطرا السماح له بان يرافق ابنته داخل الحرم الجامعي لحين اكمالها الامتحانات فرفضت الجامعة هذا الطلب ايضا خصوصا انه شخص ليس عراقيا ومن بلد آخر وجراء ذلك، اذعن الاب مضطرا  الى السكن في احد فنادق المدينة طيلة مدة الامتحانات وكانت ابنته تكمل الامتحان ثم تعود الى الفندق وهكذا دواليك حتى إكملت امتحانات الكلية تحت عوامل الخوف والتهديد. غادرت الفتاة  العراق بمعية إبيها منتظرة بترقب ما يحدث، بل متوقعة المصير المحتوم وهو الموت المؤكد في بلادها غسلا لعار لم يقع لهم اصلا . اصبح احمد حينها كطير مذبوح يرقص من الألم، فهو لا يعرف ما ال إليه مصير حبيبته او في اي حال ستكون هناك في ظل اعراف جائرة موروثة او ماذا ستلاقي من أمر مجهول خاصة من اناس من دولة لا يعرف هوخصوصياتها القبلية و العشائرية واخذ يلوم نفسه بشدة ويبكي  فادلهمت الدنيا بوجهه وضاع اجمل حلم في حياته واعتزل الناس خائفا راجفا حائرا مرتبكا وبالكاد اكمل متطلبات النجاح فتخرج طبيبا. وكاقرانه الأطباء ، تم تغيينه بعد تخرجه في مناطق نائية قريبة من الحدود لغرض التدرج الطبي المطلوب . وبينما هو في هذه المرحلة من العمل ،حدث ما حدث، اندلعت حرب الخليج الثانية 1991 فوجد نفسه بلا موعد  في مخيم احتجاز في دولة عربية خليجية مجاورة للعراق وهو لا يعلم عن امه شيئا بسبب ظروف الحرب القائمة والاحتجاز القسري له . اخبر ادارة معسكر الاحتجاز  بانه طبيب فعومل معاملة خاصة وكانت له حظوة من ادارة المعسكر ، بل ان ضباطا كبارا اصبحوا اصدقاء له ومن المعجبين بشعره ومهنيته وثقافته العالية وشخصيته الدافئة الرصينة المحببة واسلوب حديثه وغزارة معلوماته وعلمه. كان المعسكر تحت رعاية  طبية جيدة وتحت اشراف كادر طبي متمرس مع بعض  الأطباء الجدد الذين ليس لديهم معلومات عنها. انقطعت اخبار اهله عنه تماما نتيجة لظروف الحرب و مكان الاحتجاز ،فقد اقلقه عدم معرفة اخبار امه وقلقها عليه وقلقه عليها وحاول بشتى الوسائل معرفة اخبارها دون جدوى ، فكلف واحدا من كبار الضباط في المعسكر ممن كانوا يكنون له الاحترام واالمودة وشرح له ظروف والدته وخوفه الشديد عليها كونه الابن الوحيد لها فاستجاب الضابط لطلبه ووعده بذلك. مر اسبوع فجاء الخبر الصاعق، أمك قد توفت منذ شهر،، فتوقف ميزان عقله وفقد حواسه وكاد نطقه منه يغيب واقترب كثيرا من حالات الجنون ومحاولة الانتحار لولا ادارة المعسكر وزملائه الذين اسعفوه بلحظة حاسمة. كتب مرثية طويلة لامه ذكر فيها كل ما يتذكره عنها ، ذكر شهقاتها وانينها وانحناء ظهرها ولحظات  فرحها وحزنها وضحكاتها القليلة ودموعها الكثيرة وخوفها المتواصل عليه وكيف كانت تنتظره في باب الدار تحت المطر حتى يعود من المدرسة حتى يدخل البيت وكل لحظة مرت امام ناظريه خاصة من  أيام طفولته فسجل هذه المرثية صوتيا بصوته الحزين  المختلط بالعبرات والحشرجات ونبرات الحزن والبكاء مع الانغام الحزينة لاغنية سعدون جابر يا امي فانتشرت هذه القصيدة و الاغنية المصاحبة لها عن الام كالنار في الهشيم وسمعتهاحبيبته التي بكت بكاء مرا وهي لا تعلم باحتجازه في بلدها وقررت البحث عنه ومعرفة اخباره مهما كان الثمن . وفي ذلك اليوم الممطر، الذي توقفت فوهات بنادق الحرب المجنونة واصبح الوضع في معسكر الاحتجاز افضل حالا، استدعته ادارة المعسكر لأمر هام ، وهنا كانت المفاجأة ؟ قبل ان يدخل باحة امر المعسكر سمع نغمة  صوت يشبه صوتها ات من بعيد ، يقترب يفترب رويدا رويدا، لا لا ليست هي ؟ بل هي، نعم هي! كاد  ان يفقد عقله.هل انا احلم؟ صاح مامور  القاعة مرحبا بها اهلها  بسعادة  الدكتورة سهى عبد بالعزيز نور الله، يا الهي اهي فعلا ام تشابه اسماء فقط ؟ احبيبة  الروح هنا ؟ توقفت الأرض عن الدوران ، تلعثم النطق ، غشيتالعيون وتجمد الأحساس و الدم في العروق وارتجف القلب فسقط مغشيا عليه ، فاقدا للنطق  والرؤيا تماما . لم تتمالك نفسها فاجهشت بالبكاء فظن الحضور انها متعاطفة مع شخص سجين ليس الا لكنها تماسكت برباطة جأش وطلبت نقله بمعيتها على وجه السرعة الى مستشفى آخر حددته هي. اجريت له فحوصات طبية كاملة تبين من خلالها تعرضه لصدمة حادة شبيهة بصدمة سماعه خبر موت امه . بعد ايام عدة، استفاق من غيبوبته متسائلا عن سبب مجيئه الى هذا المكان ؟ فكان الجواب أنك كنت مغشيا عليك لكنك كنت تنادي  ...انا سبب موتك.  انا سبب موتك يا سهى ولا نعلم اي سهى تقصد  فجاءت بك مصادفة الدكتورة  سهى نور الله مديرة  هذا المستشفى التي كانت في زيارة طيبة لمعسكر الاحتجاز  ولم تغادر سريرك طيلة المدة الماضية وتركت لك رسالة تحت مخدتك واوصت بعدم فتحها الا من فيلم شخصيا  .قرا  الرسالة بشغف فوجد ...

    عزيزي دكتور احمد ،عند ركوبي الطائرة من مطار بغداد الدولي  مع ابي راجعة الى بلادي  لمعاقبتي قلت له، ابي  ارجو ان تسمعني للمرة الأخيرة قبل تنفيذ ما تريد  فعله بي، اتريد  قتلي فعلا لظنك السوء بي؟ أنا لم ارتكب خطيئة بحقكم وحافظت على شرفي وشرفكم بامانة وحرص واخلاص ولم افسد والله شهيد على ما اقول لكنني كباقي البشر من دم ولحم  ومشاعر احببت شخصا نبيلا صادقا بامانة  وطهارة وشرف وامام الله والناس فارجوك يا ابي وطلبي الأخير هو ان تقرا مرثية الولد لامه فاذا وجدته عاقا طالحا غير بار بها اوعديم الأصل والاخلاق فاقتلني، الا تريد حفيدا صالحا يخاف الله بي وبك وصهرا يعرف الحق واهله بارا بمن حملته وارضعته فارضاها الله به خيرا؟ قراها ابي مرات عدة ففاضت عيناه دمعا وصفح عني وكافاني ببناء هذا المستشفى الكبير الخاص بي والذي ترقد فيه انت الان ، و اود ان اخبرك باني كتبت مرثية فيها محاكاة نثرية  لمرثيتك الحزينة عن أمك بعنوان حكايات من زمن الحب الممنوع ،رثيت فيها روحي التي باتت يتيمة بعدك و ختمتها بهذين البيتين..

سنلتقي اذا شاء اللقاء      ونلتقي اذا طال البقاء.      ونلتقي والاقدار تجمعنا. ونلتقي .....فاكمل يا احمد ان استطعت عجز هذا البيت الشعري الأخير ليكتمل المعنى .


ق.ق.ج - حين تنام المدن بقلم: عبد الرحيم الشويلي

 





ق.ق.ج

 

حين تنام المدن

نامت المدينة… لكن الأرصفة بقيت تهمس بأسماء من رحلوا.

حاول أن ينام فوقها، فاستيقظت الذاكرة تحته.

رأى في الحلم شرفةً بلا باب، وامرأة تلوّح بلا يدين.

ومنذ تلك الليلة، صار الحلم يوقظه كل مساء...!

 

الأديب

عبد الرحيم الشويلي

القاهرة

9.نوفمبر. 2025م.


عشقة بقلم: محمود البقلوطي تونس

 




بين الخاطرة والقصة القصيرة

عشقة

صحت من نومها، اعدت فنجانين قهوة، وضعتهما على الطاولة وقالت:

اسيقظ أيها العشق لتشاركني قهوتي وتؤنس وحدتي وتبعث البهجة في قلبي.. اخرج من صمتك، تكلم

قال:

لقد تركتني على أطراف الطاولة ونمت

قالت:

عذرا سيدي لقد غلبني النعاس وانا اكتب عنك في دفاتري... خذ واقرا كلماتي

مسك الورق، نظر إليها وقال

ما اجمل حرفك وبوح كلماتك.

اخذ رشفة من الفنجان واخذ يغني لها أجمل الاغاني ويقص عليها امتع الحكايات.

ضحكت، انتشت بحلاوة الكلام وقالت: مااروع حضورك وانسك أيها العشق لقد أدخلت البهجة والفرح الى قلبي

مدت يدها اليه وقالت هيا نرقص معا علي أجمل الاغاني.

محمود البقلوطي تونس


ابن العاصفة بقلم: سعيد ابراهيم زعلوك


 

ابن العاصفة

🖊️ سعيد ابراهيم زعلوك

في الثامن عشر من يوليو

كان الليل يعيد ترتيب الغيم على هيئة رجفة

والسحب تلقي خطبا غبارية فوق المدى

عاصفة...

دخلت البيت قبل القابلة

وصحت...

فاِهتز الباب الطيني

كأن الريح تبارك ما لم تفهمه الجارات بعد

قالت امي:

> "ولدت في توقيت

تغلق فيه السماء سجل الاعمال

وتفتح بوابة القدر"

قالوا:

> "ولد في غبار العتمة!

اي بركة تنزل فوق صدر القرية الصغيرة؟"

ولكن امي

رأت في وجهي

وجها يشبه الغفران

ان نزل من جبل مكسور

كنت اذا سرت، ارتجف الحائط

واذا بكيت

فاض الحنين على سجادة الوقت

المطرز بانفاس الطفولة

كنت اعبر

بين الساعات بلا ظل

فمن اين يأتي كل هذا النبض؟

ومن اين يأخذني الله حين اغيب عن نفسي؟

لي من غضب الريح وشوشة

ومن سكون الرمال يقين قديم

يهدأ في صدري

كنبض نخلة

تتعلم الصمت قبل الغنج

لست قاسيا...

لكني لا اضع قلبي على راحة الغرباء

ولا اهب وجهي لمن لا يقرأ ملامحه

اليوم...

لا اطفئ شمعة

ولا اعدد السنوات التي ذابت مني

ولكني...

اتذكر تلك الليلة كلما مال الغيوم

واتذكر وجه امي

حين قالت لي:

> "انت...

هبة السكون في زمن الصخب

وابن العاصفة التي استأذنت

قبل ان تهب"

واليوم يشبهني...

نصفه حلم

ونصفه وقت يتعلم كيف يحزن

امشي على اطراف صوتي

لا اخاف من الغيم

فالعاصفة التي جاءت بي

ما زالت تسكن عيني

وان سالوني: من انا؟

قلت:

انا صورة البدء

حين تخفف من غباره

وابن الام التي لم تخف من السماء

وابن العاصفة التي...

ما زالت تهب في الداخل


سندريلا بقلم: رضا الشايب



سندريلا
عندما جعلت الظروف منك سندريلا، الخوف
فلا هرب ولا فر. فالكون كله سجن كبير وأنتِ طفلة سلاحها البراءة. سلبوا منك رغد الطفولة، ظننا أنكِ سندريلا عمياء.
قصة قصيرة
رضا الشايب  🇪🇬 مصر

Reda Elshayb 

البحث عن نبهان بقلم: فوزي نجاجره



 

قصة قصيرة بقلم : فوزي نجاجره

البحث عن نبهان

ميس الريم تقول:

يا الله، كم احترت في إيجاد وسيلة تقودني إلى عنوان عائلة نبهان. ومن بين محاولاتي الكثيرة في البحث عن هذه العائلة، لجأت إلى الشبكة العنكبوتية مستخدما محرّك البحث جوجل ، لكن في كل مرة كانت النتيجة واحدة: لم يتم العثور على هذا الاسم.

بعد أن جبتُ القدس وبيت لحم دون جدوى، قررتُ متابعة البحث في وسط فلسطين المحتلة، في مدن يافا واللد والرملة. في يوم جمعة، سافرتُ إلى يافا قاصدةً الجوامع هناك. أدّيت صلاة الظهر في جامع المحمودية العريق، ثم حاولت التحدث مع الكثير من الناس، أستعلم منهم عن عنوان لعائلة نبهان إن كانت تسكن في المدينة أو بالقرب منها، لكن كل محاولاتي باءت بالفشل. أمضيت نصف نهار أتنقل بين حي المنشية وحي العجمي أسأل هنا وهناك دون فائدة.

سرتُ بعدها على أحد شواطئ يافا، فاستوقفني مبنى عربي قديم كان يستخدم يومًا كمكتب للجمارك الفلسطينية في زمن العثمانيين والإنجليز. اقتربت منه وقرأت لافتة على جداره مكتوبة بالإنجليزية والعبرية تقول:

"تم تحرير هذه المدينة من الغرباء العرب بتاريخ السادس والعشرين من نيسان عام 1948."

كم آلمتني هذه العبارة! تحرير من الغرباء العرب؟!

أحسست بدوار يضرب رأسي، وشعرت أن جوهر هذا العالم يرتكز على الظلم. أيّ كذبٍ هذا؟! أيمكن أن يكون أصحاب البلاد الأصليون غرباء، بينما القادمون من أوروبا وأمريكا وأستراليا هم أصحابها الشرعيون؟!

جلست على الرمل أحاول تهدئة انفعالاتي. رحت أراقب الناس الذين يمارسون رياضة المشي على الشاطئ في المسار المخصص للمشاة ولراكبي الدراجات الهوائية. مرّ كثير من الصهاينة أمامي، فلفت نظري رجلان بين الستين والسبعين من العمر، يعتمران قبعتين تدلان على عجرفتهم وكبريائهم، توحي ملامحهما بأنهما متقاعدان.

حين أصبحا أمامي، لحق بهما طفلان فلسطينيان يركبان دراجتيهما الهوائيتين، لا يتجاوز عمرهما العاشرة، يضحكان ويغنيان ببراءة وفرح. اقترب الطفلان ببطء من الرجلين المتبخترين، وفي لحظةٍ خاطفةٍ، التقط كل منهما قبعة أحد الخواحات، وأسرعا مبتعدين ضاحكين. توقفا على بعد خمسين مترًا، ثم صرخا قائلين: 

"أنتَ وهو... هذه قبعاتكم القذرة! اختفوا عليكم وعليها ، انظروا إليها!"

وبحركةٍ جريئةٍ طوحا القبعتين إلى موج البحر، ليتولى الموج إكمال مسخرتهما وتهزيئهما . حاول الرجلان اللحاق بالأطفال فلم يفلحا، فاتجها نحو البحر يطاردان الموج، يرجوانه أن يعيد لهما قبعاتهما، وهما يسبّان ويشتمان العرب بأقذع الألفاظ.

غاب الطفلان نحو عشر دقائق، ثم أعادا الكرّة مع رجلٍ وزوجته يمشيان على الشاطئ في خيلاء . وفي مشهدٍ مماثل، اختطف كل طفل قبعة أحد الزوجين، وانسحبا مسرعين وضحكاتهما تملأ المكان. صاح الزوجان مهددين ومتوسلين أن يعيدا لهما القبعتين، لكن دون جدوى، إذ سرعان ما قذفا بهما إلى البحر من جديد، ليعبث الموج بهما كما شاء.

وعندما يئس الزوجان، توجّها إلى البحر يناجيانه برجاءٍ أن يعيد لهما قبعاتهما، وهما يقذفان الأطفال بشتائم باللغة العربية الفلسطينية نفسها، التي سرقوها من أهلها، كما سرقوا مدينتهم يافا عام 1948.

نهضت من مكاني وتبعت الطفلين وسألتهما:

– مرحبًا يا حلوين، هل أنتما من أهل يافا الأصليين؟

– نعم، نحن يافاويون، وهذه مدينتنا.

– يا أطفال، هل تعرفان أين تسكن عائلة نبهان محمد عيسى كنعان؟

نظر أحدهما إلى الآخر، ثم نظرا إليّ وضحكا كما لم يضحكا من قبل، وقال أحدهما:

– وهل نبهان هذا رجل صالح؟

أجبته:

– ألا تعرفانه؟! إنه بطل من أبطال شعبنا الفلسطيني!

قال طفل بابتسامة واثقة:

– أعتقد أن روحه تسكن فينا...

ثم مضيا يلهوان من جديد، وضحكاتهما البريئة تملأ الشاطئ، وكأنهما يعيدان للحياة معناها المفقود.

كان ذلك بعد ذكرى الثلاثة وسبعين عامًا على احتلال مدينة يافا .


أزمة إنسانية بقلم : عابر عزالدين





أزمة إنسانية


السودان الوجع يختنق في صمت فاجر

ودماء تسكب كأنها ماء فائض

أرحام تغتصب تحت عيون مغمضة

وأطفال يدفنون وهم يتنفسون

العرب في سكرتهم يتجادلون على فتات الشاشات

يتفرجون على المذبحة كأنها فيلم مؤجل للنهاية

الخيانات تباع بالنفط والصمت صار سياسة

حسبي الله على كل يد صافحت الجريمة

اللهم أجرني في صمتي حين تتزاحم الكلمات


عابر عزالدين

ليبيا 29.10.2025 

"قهوتي.. وأنتِ" بقلم: زيد رشيد

 



 "قهوتي.. وأنتِ"

 

نصٌّ يقطّر دفئًا بين فنجانين

 

المكان : مقهى قديم

الزمان : صباح شتائي ممطر.

 

ثمّة مقاهٍ لا تُشرب فيها القهوة

بل يُحتسى العمر فيها...

كما وثمة امرأة كلّما تأخّرت

أزهرت الطاولة عطراً

والمقاعد انتظار

**************

إلى التي...

لم تأتِ تمامًا

لكنها جاءت من حيث لا يُتوقّع الحضور...

إلى عطرها الذي سبقها

وظلّها الذي جلس مقابلي

وذكرى غيابها التي ملأت المقهى...

 

"وهكذا..

كُتبت الحكاية،

لا بالحبر، بل بالحنين."

 

وفي ذاتِ الحنين ،

كانا  يتنفسّان من رئةٍ واحدة ،

ويختنقان من وفرة الأمل ..

 

اللهفة؟

كانت كأنها الساعة الأخيرة قبل القيامة ..

 

والمقهى ،

كان شاهدًا على بعثٍ من نوعٍ خاص ..

 

لم يكن لقاءً ،

بل كان نهوضَ جُثَّتين من تحت رماد الذكرى ،

كأنّ كلّ فنجانٍ كانَ قبرًا ،

وكلّ نظرةٍ، ضوءَ نبوءة ..

.

.

.

.

.

بحنينٍ قديم ،

وذات فجرٍ مُبتلٍّ ،

دخل هو إلى المقهى ،

كمن يدخلُ طقوسَ اعترافٍ سرّي ..

 

جلس على الطاولة رقم (سبعة)

ذات الطاولة

التي شهدت على تقلبات قلبه

أكثر من كل نساء المدينة ..

 

أخرج دفتره

ورمى عليه نظراتٍ مليئةً بالخسارات

وكتب أول سطر

"هي التي لم تأتِ ...

لكنها ملأت المقعد المجاور بعطرِها ،

وجلستْ في قهوتي دون استئذان" ..

 

أشعل سيجارته لا ليُدخِّن ،

بل ليشعر أنّ شيئًا يحترق سواه ..

 

كأنّه يحاول أن يتذكّر طعم صوتها ،

أو كيف كانت تمشي كأنّ الأرض تُحبّ خطواتها ..

 

ثم قالت له النادلة ،

وكأنها تقرأ عينيه ،

“أهي التي تنتظرها كل صباح؟”

أومأ دون أن يرد ،

فالأنثى التي يعشقها لا تُذكر باللسان ،

بل تُصلى في القلب ..

 

وفجأةً

فتحت الباب

ودخلت كغيمةٍ نادمةٍ على تأخّر المطر

كأنّها تعتذر من كل لحظةِ قلقٍ نسجها لأجلها ..

 

ابتسمتْ...

وجلستْ...

وكأن العالم اختصر كل جنونه ،

بين فنجانين ونظرتين ..

 

وهنا، بدأت الحكاية تُكتَب بينهما ... بالشعر ..

 

اومأ قائلا ،

 

أبحثُ عنها في فنجاني ،

في ظلّ غيومٍ تتكسّرْ ..

في رائحةِ قهوةِ فجري ،

تتنفّسُ أنثى لا تُنكرْ ..

 

فردت قائله ،

 

قد جئتُ إليكَ بلا موعدْ ،

والشوقُ على وجهي يُسفِرْ ..

في بالي قُبلةُ عينيكَ ،

تُسكتُ نبضي إلى إنْ تَسحرْ ..

 

رد قائلا ،

 

كُنتُ أراكِ على أهدابي ،

ضوءًا من شَمسٍ يتَكسّرْ ..

ويذوبُ الحرفُ إذا جئتِ ،

ويثورُ الحبرُ ليُخَبّرْ ..

 

فقالت ،

 

أنا عطشى .. كزُهورِ النَومِ ،

لقُبلةِ صبحٍ يتفجّرْ ..

إن شئتَ ، أغنّي في صمتكْ ،

وأنامُ على جفنٍ يُسهرْ ..

 

رد بشجن ،

 

تعالي نتركُ هذا الوقتْ ،

ونعودُ لحُلمٍ لا يُكسرْ ..

يدُكِ بيدي .. والكونُ أنا ،

وأنتِ الدفءُ إذا ما أُجهرْ ..

 

فختمت برقةٍ ،

 

أتيتُك لا تسألْ كيف ومتى ،

ولا من أيّ دربٍ أسفَرْ ..

كأنّ المقهى من عينيكْ ،

وكأنّك قهوتي الأجمرْ ..

 

أسهم عينيه بعيدا وهمس

إليكِ —

هذا الدفتر الذي كتبته عنكِ

كأنني أكتب لكِ

وكأنكِ ستقرأين

 

في كلّ صباحٍ يشبهكِ

كنتُ أدخلُ المقهى

كنتُ أبحثُ عنكِ

بين دخان سيجارتي

بين رفّة الستارة حين تمرُّ نسمةٌ لا تحملكِ...

 

لم تكوني هناك،

لكنّكِ كنتِ في كلّ شيء.

وهذه الصفحات...

ليست نصوصًا

بل محاولاتٌ فاشلة

لا أعرف إن كنتُ كتبتُها حقًا،

أم أنها كانت تكتبني بين فواصل الصمت.

 

كانت تجلس في المقعد المقابل

تترك أثر شفتيها على الفنجان،

وتنسى حقيبتها

لم تأتِ يومًا بكامل حضورها،

لكنها جلست في قهوتي دون استئذان،

وتركت لي عطرًا لا يفنى،

ورسالةً مطوية تحت الفنجان:

أنا أيضًا كنتُ أبحث عنك

لكنني خفتُ أن تجدني

 

وما زال النادل لا يمسح الطاولة رقم (٧)...

لأن هناك عاشقًا يعود كلّ صباح،

يشرب قهوته وينتظرها

ويعلم يقينا انها.......

كانت هنا


Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات