الرحيل بقلم : فوزي نجاجرة





الرحيل

هجمَ البَينُ علينا،

وتدثّرنا عباءةَ الرحيل،

وارتحلنا...

وأوصلتنا الدروبُ إلى فراقٍ

لا يلين.

أحاولُ أن أعيشَ حياةً

لا تكونِ بها،

فأخفقُ كلَّ حين.

أحاولُ نسيانَ وجهِك،

فأنسى ملامحي،

ثم أعود...

وأعيدُ الحنين.

تمضي أوقاتي،

وصورتُكِ تلهو بالحنايا،

كأغنيةٍ غجريةٍ

تغنّيها سعيدةُ لسعيد،

تدورُ على نغمِ الرملِ والماء،

وتذوبُ في المدى البعيد.

أروي لكِ حكايةَ طفلةٍ

نسيَها أبواها

على شاطئٍ مهجور،

فأرضعتْها آلهةُ البحور

حليبَ الموجِ والأنين.

أنتفضُ...

وأصحو من سباتِ الحنين،

مسافرٌ

زادُه الشوقُ واليقين.

أسائلُ الأرقَ عن هجومِه،

فتنبُرينَ — كالعهدِ — تجيبين،

تطلبينَ منّي السهر،

فأضحكُ سرًّا... وأعلَنُهُ للعالمين.

أفتّشُ عنكِ،

فأراكِ

وهمًا، أو سرابًا،

وأنا وحيد.

أسائلُ نفسي:

ما سرُّ هذا التعلّقِ؟

من تكونين؟

فينفتحُ صدري،

لأجدَه يتنفّسُكِ،

وتغمرني راحةٌ

تُعيدُ تكويني.

أستريحُ من رحلةِ البحث،

فقد كنتِ —

نَفسي، وحنيني.

أعرفُكِ منذ زمنٍ بعيد،

وأحسُّكِ

أقربَ إليَّ من حبلِ الوريد.

في أيِّ زمانٍ عشنا؟

وأينَ مكانُنا الوحيد؟

تبتسمينَ... وتشيرينَ إلى نجمةٍ بعيد:

قبل أن يهبطَ آدمُ،

وتنزلَ حوّاء،

كنّا هناك،

في قصرٍ مجيد،

بعيدًا... بعيدًا... بعيد،

عن كلِّ العيون،

في كونٍ غيرِ هذا الكون،

عِشنا، حبيبي،

سعيدةً... وسعيد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات