**ظِلَالٌ تَبْكِي وَلَا تَمُوتُ** بقلم: محمد الموسى







**ظِلَالٌ تَبْكِي وَلَا تَمُوتُ** 

 (إِلَى الشُّهَدَاءِ... فِي سُورِيَا، فِي غَزَّةَ، فِي فِلَسْطِينَ) 

أَخْبِرُونِي، 

كَيْفَ يَنَامُ ظِلُّ الشَّهِيدِ فَوْقَ الرُّكَامِ، 

وَلَا تَصْحُو الْبُيُوتُ مِنْ بُكَاءِ الْأُمَّهَاتِ؟ 

كَيْفَ تَمُرُّ خُطُوَاتُهُ بِلا ضَجِيجٍ، 

وَتَتْرُكُ خَلْفَهَا شُقُوقًا فِي الْجُدْرَانِ، 

وَقُلُوبًا تَشْهَقُ كُلَّمَا هَبَّ الْغُبَارُ؟ 

أَخْبِرُونِي، 

كَيْفَ لِظِلٍّ أَنْ يَكُونَ أَحَنَّ

 مِنْ جَسَدٍ مَزَّقَتْهُ الْقَذَائِفُ، 

وَأَقْرَبَ مِنِ اسْمٍ مُحِيَ عَنْ قَبْرٍ، 

وَأَصْدَقَ مِنْ عَوَاصِمَ أَغْلَقَتْ نَوَافِذَهَا؟ 

هُوَ مَرَّ... 

مَرَّ مِنْ حِمْصَ مَكَبَّلًا بِالْأَمَلِ، 

وَمِنْ دِمَشْقَ يَحْمِلُ رَغِيفًا لَمْ يَصِلْهُ، 

وَمِنْ غَزَّةَ يَجُرُّ أَقْدَامَهُ بَيْنَ الْأَنْقَاضِ، 

مِنْ خَانِ يُونُسَ... يَسْأَلُ: هَلْ سُمِعَ النِّدَاءُ؟ 

لَكِنْ لَا أَحَدَ أَجَابَ. 

الطُّرُقَاتُ نَسِيَتْ وَقْعَ خُطَاهُ، 

وَالسَّمَاءُ انْشَغَلَتْ بِعَدِّ الطَّائِرَاتِ، 

وَأَنَا...  

مَا زِلْتُ أُرَاقِبُ ظِلَّهُ، 

كَأَنَّ رَفَحَ سَتَعُودُ مِنْ وَجَعِهَا، 

وَكَأَنَّ حِمْصَ تسَتَفِيقُ مِنْ غَيْبُوبَتِهَا، 

وَكَأَنَّ غَزَّةَ سَتَبْكِي مَرَّةً... دُونَ أَنْ تُقْصَفَ بَعْدَهَا. 

ظِلَالٌ تَبْكِي وَلَا تَمُوتُ، 

تَنْمُو فِي قُلُوبِنَا كَالزَّيْتُونِ، 

تُزْهِرُ فِي وَجْهِ الْعَتْمَةِ، 

وَتُضِيءُ دُرُوبَ الْأَمَلِ، 

يَا ظِلَّ الشَّهِيدِ، 

خُذْنَا إِلَيْكَ زَيْتُونًا وَدَمْعًا، 

خُذْنَا نَشْهَدْ مَعَكَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ، 

لَا تَمُوتُ، 

وَلَا تُؤَجَّلُ، 

وَلَا تُغْلَقُ عَلَيْهَا الْأَبْوَابُ. 

هِيَ فِي خُطَاكَ، 

فِي رِيحِكَ، 

فِي حَجَرٍ صَغِيرٍ عَلَى الزَّاوِيَةِ، 

فِي أُمٍّ تُخَبِّئُ صُورَتَكَ فِي ثَنَايَا قَلْبِهَا، 

وَتُرَتِّلُ كُلَّ مَسَاءٍ: 

اللَّهُمَّ احْفَظْ ظِلَّهُ... 

فَهُوَ مَا زَالَ يَسِيرُ. 

     محمد الموسى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات