العالم الافتراضي بقلم: انفاس الحروف

 


يعيش الإنسان اليوم في شبكة عنكبوتية من المعلومات والصور والرسائل،تمتد خيوطها في كل زاوية من الفكر والقلب، تشدّ الانتباه وتختنق معها اللحظة،تملأ العقل بأصوات متقاطعة، فتتبدد القدرة على الصمت الداخلي، وتصبح العزلة شعورا يختبئ بين الخيوط نفسها.

تسحبنا هذه الشبكة في دواماتها، تجعلنا نبحث عن الدفء في عوالم افتراضية،نلتقط الملامح بين وجوه مصنوعة من بيانات، نغرف المعنى من زمن جفّت فيه ينابيع الحس،فتتحوّل اللحظة إلى شظية معلقة بين الخيوط، تتأرجح بين الوجود والافتعال، بين التواصل الحقيقي والوهم الرقمي.

ومع مرور الوقت، يصبح الإنسان امتدادا للشبكة

يتلاشى الصوت الداخلي أمام صخب العالم،وتصبح الأفكار رهينة الروابط المتشابكة، والمشاعر معلقة بين إشعارات وحركات افتراضية،فتتسلل العزلة إلى أعماق النفس، وتصبح الوحدة حقيقة مألوفة في صخب الاتصال المستمر.

ولكن في لحظة من الوعي،عند إغلاق الشاشة،

تنفك الخيوط عن العقل والقلب، فتكشف عن الفراغ الذي يختزن المعنى،وتصبح العزلة فسحة لاكتشاف الذات، وتستعيد الروح تنفسها بين خيوط صافية،فتتحول الشبكة، التي كانت فخا يلتهم اللحظة، إلى مساحة لفهم النفس والوجود،ويصبح الحاضر لحظة امتداد بين الضوء والظل، بين الاتصال والفردية، بين العالم الداخلي والخارجي.

انفاس الحروف Lou dji


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات