بحمّى الكلام بقلم: حامد الشاعر

 




بحمّى الكلام

أمثلي يعاني بدار السلامْ ــــــــ من الهذيان وحمّى الكلامْ

لمثلي عماد المعالي يقام ــــــــ أمثلي يهان أمثلي يضامْ

وما جئت دنياي إلا كريما ــــــــ أمثلي يذل بدنيا اللئامْ

ونفسي نعيت بنفس البلاد ــــــــ فكيف أمر مرور الكرامْ

أجوع وأعرى وألقى الهوان ــــــــ وفي دربها أبتلى بالسقامْ

يؤول بكل الدنى للضرام ـــــــ فمن يرتضي صارما والصرامْ

******

فما بيننا في الليالي الطوال ــــــومن دون داع يطول الخصامْ

وأعلنت حبي وأعلنت حربي ـــــــوفي أمرها ما ملكت الزمامْ

ومن يبتلى بالكلام لفوضى ــــــــ يميل وفي ضربه للنظامْ

دمي شَربَته فتلك التي قد ـــــــ حباها الإله بحسن القوامْ

بأحزانها قد صدمت وحزني ــــــــ فلم تختبر غيره في الصدامْ وفيه فلا خير حشو الكلام ـــــــ وما صيغ بالحشو تحت القتامْ

*******

عجبت ومن جنة تحتويها ـــــــ تشب ومن حولها بالضرامْ

وفيها يرى كل شيء عجيبا ـــــــ فعن وجهها من يميط اللثامْ

وللحلم حين تبيع تجيء ـــــ بشمس الضحى أو ببدر التمامْ

حظيت وفي عيدها بالفتات ـــــ وفي عرسها لا تفت الطعامْ

وخيراتها للخواص فكيف ــــــــ على الصبر فيها أحث العوامْ

إلى مجدها من يرد بلادي ــــــــ إلى عهدها من يرد الشآمْ

*******

وحاسبت نفسي مرارا لغيري ــــــ تركت حسابا بيوم الزحامْ

ولا أهتدي في هواها وضالا ـــــــ فلست أطيق شروط الغرامْ

وفيها اعتراني الجوى والجنون ـــ بفرط الهوى وانفراط الهيامْ

وشابا فلست أطيق انفصاما ــــــ وعانيت طفلا بوقت الفصامْ

وحطمت ذاتي فحين تركت ــــــ من الآه فيها ورائي الحطامْ

وفي دربها من جديد فكيف ــــــ أسير وفيَّ بقايا الركامْ

*******

ومن جوها يسترد الهوا و ــــــــ يرد صريع الهوى للزكامْ

لحريتي قدرها في السجون ـــــــ أشد من الأسر كسر العظامْ

فماذا دهاني ضربت وضرب ــــــ الدهاة من البدء تحت الحزامْ

أمام الردى لا أخر تراني ــــــــ أنادى ومن غيرها بالإمامْ

ولست إلها ولست نبيا ـــــــ فكيف أقوم بشتى المهامْ

تراني مغيثا وبالحب غيري ـــــــ وفيها فما زلت أرعى الذمامْ

*******

تراني وفوق الحجيم أسير ــــــــ فترفض أن أستقل الغمامْ

وترفض مني وحتى الكلام ــــــــ وتمنع عني هديل الحمامْ

هناك هواها يقيم حياة ــــــ هنا الموت في الحب موت زؤامْ

وبالموت يبلى ويلقى ابتلاءً ـــ فمن يبتغي في الحياة الدوامْ

ولي خيمة كيف أبني وفيها ــــــ على الرمل لا تستقر الخيامْ

ومنها يصير الفرار لزاما ـــــــ ويعني الملازم شرط اللزامْ

*******

تدلت عناقيدها للعوام ــــــــ وحبلى ينابيعها بالهوامْ

عجبت لحكم الحراميّ فيها ـــــــ فكيف احتراما يُحلّ الحرامْ

لنفسي أرى صاحيا ما يحز ـــــــ على حالهم قد حسدت النيامْ

أعدّ السكارى وأين الغيارى ــــــــ أقول فلي كأسها والمدامْ

حمامي يجيد العدى صيده لا ــــ أحط وفوق الأكفّ اليمامْ

وتحسب غيري ملاكا وتحس ـــــ بني وهلاكا مليكا همامْ

*******

فلست على ما يرام ومثلي ـــــــ أراها فليست على ما يرامْ

وشرا تقاسي فلست بخير ــــــــ منعت فمن قومها والقيامْ

أتاني سياط العذابات منها ـــــــ وفي وجهها ما رفعت الحسامْ

وسما تحط علي ونارا ـــــــ وأقواسها في يدي والسهامْ

ومنها أمثلي يجافيه نور ــــــــ أمثلي يحط بقاع الظلامْ

ورغما عن القلب يكسوه وجهي ــ ومن همه مستفيضا الرغامْ

*******

منعت ومن كل حق فكيف ـــــــ أأدي وبعد القيام الصيامْ

وما في الأمانيّ خطت يداها ـــــ رأيت لها صورة في الرخامْ

فما عدت أحمل قلبا سليما ــــــوفي النفس حرب فأين السلامْ أقول من الآه والحسرات ـــــــ أمثلي يعاب أمثلي يلامْ

أخط بلاغي بحمّى الكلام ـــــ وأبكي من الشكو مثل الغلامْ

يظل عقولا وقبل الجنون ــــــــ يصاب الذي عابه بالجذامْ

*******

وبالشعر ألقى الأعادي أرد ــــــــ على قولهم بالفعال الجسامْ

أشير وحتى بحمّى الكلام ــــــــ إلى المسك لي بدؤه والختامْ

ورغم الذي شاقه فعليها ــــــــ يُفيض فمن حبه المستهامْ

أروم بها غادة وبلادي ــــــــ أرى ظلها في الربى والإكامْ

وعنها فلا أمنع الحب إلا ــــــــ لماما وإن شاقني في اللمامْ

محبة قلبي لها بالحبال ــــــــ فلا يربط القلب إلا الوئامْ

*******

وللحب لا أدّعي ما أراه ــــــــ يجيء ومن خلفها والأمامْ

لها كم أحب وللحب سر ــــــــ يذاع وبين الورى والأنامْ

وحاشاه من رامها أن يضام ـــــــ وفيها كفى غيره ما يسامْ

إلهي اجتباني أديبا فكيف ــــــــ أُرد ذليلا بهذا المقامْ

أطيق الذي يعتريني فحين ــــــــ أحب يشير الهوى للنسامْ

وللشعر حين أصوغ أقول ــــــــ أأنت الذي ينتشي بالخزامْ

*******

العرائش في 22ديسمبر 2025

قصيدة عمودية موزونة على البحر المتقارب

بقلم الشاعر حامد الشاعر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات