نرجس الروح صباح الجسد / سليمان دغش

 





نرجس الروح صباح الجسد / سليمان دغش

( إليها في نرجس الروح )

كيفَ أبدأُ ليلي وحيداً كدمعةِ وجدٍ

تئنُّ على وترٍ في كمانِ المُغنّي الحزينِ

وتسهرُ حتّى الصباحِ البعيدِ البعيدِ

على شمعةٍ تتلاشى رويداً رويداً على هالةِ الضوءِ

كيْ تؤنسَ الليلَ في وحشةِ الجسدِ الآدميِّ

لعلَّ صباحاً ندياً شهيّاً

كوجهكِ ذاك البهيّ كزهرةِ لوزٍ

تطلُّ على ذاتها في احتفاءِ المرايا

يعيدُ إليّ فراشاتِ روحي التي فارقتني إليكِ

بغيرِ وداعٍ سريعٍ كما يفعلُ العاشقون

فيا موتُ ويحَكَ لا تمتحنّي بملءِ الحياةِ

فماذا تقولُ الفراشةُ في حضرةِ الضوءِ

حينَ يُراودُها الموتُ ملتبساً بالحياةِ

على وهَجِ الشوقِ والأسئلةْ

كيفَ أبدأُ ليليَ فيكِ ولا شيءَ يحضرني الآنَ غيركِ فيَّ

أوزّعُ روحي على جسدينِ قريبينِ في البعدِ حدّ التوحُّدِ

يا جَسدي النرجسيّ لماذا تبرأتَ مني

لتسكُنَ فيها

وتسكن فيكَ

وفي الحالتينِ تظلُّ وحيداً

كنايٍ يئنُّ على شفةِ الريحِ حينَ تَمُرُّ

ويبكي على قمرٍ كانَ همَّ بهِ ذاتَ ليلٍ

وأسرى إليهِ على شهقةٍ مُثقلةْ

لستُ أدري إذا كنتُ وحدي هُنا غارقاً في ضبابِ التّساؤلِ

ما بينَ بيني وبيني

وبيني وبينكِ

يا امرأةً تتعرّى وراء ستائر روحي وتأوي إلى مخدعِ الماءِ

ما بينَ جفني وجفني

لماذا أحبّكِ ؟ كيفَ دخلتِ حدودَ المقدّسِ فيَّ

لكيْ تستحمّي بماءِ الينابيعِ

أو تشعلي النارَ في معبدِ الماءِ

يا ماءُ

هل احدٌ غيرها أشعلَ الماءَ بالماءِ فيكِ

فكيفَ إذاً نطفئُ النارَ بالنارِ

في ماءِ أجسادنا كلّما عربدَ الماءُ في جسدٍ

يشتهي جَسَداً حلَّ حتّى توحّدَ فيهِ

أو استبدَلهْ

كيفَ يا فتنةَ الروح

كيفَ رحلتِ بغيرِ وداعٍ

يبلُّ بيَ الريقَ في عطشي المستبدِّ على حافّةِ الماءِ

كيفَ تجرّأتِ وَيحَكِ أن تتركيني وحيداً

كنجمٍ هوى من مدارةِ خلخالكِ الغجريِّ

خُذيني إليه إليكِ ورُدّي إليَّ الضّحى المتوهّجَ في فُلِّ ساقيكِ

كمْ فُلّةٍ سوفَ تبكي على حالها

كلّما مسَّ خلخالها الماءُ أو قبّلهْ

ها أنا أعبُرُ الليلَ وحدي على عتمةِ الروحِ

أسألُ عن قمَرٍ كانَ يوماً نديمي

على شرفةِ الله في ظلّ جفنيكِ

لا تتركيني وحيداً

فلا ضوءَ يملأُ روحيَ بعدكِ

كيفَ سرقتِ القناديلَ من شرفةِ الحلْمِ

ما أطولَ الليل من غير حُلْمٍ

يدُلُّ النوارس عن شاطئِ البحرِ

حينَ تتيهُ النوارسُ في آخرِ الليلِ

ما بينَ عينيكِ يا امرأةً يشتهي البحرُ خلخالها

ويصلي لها الفجرُ بالبسملةْ

كيفَ أختمُ ليلي الطويلَ الطويلَ

كشعركِ حينَ يخبئُ خلفَ حريرِ ستائرهِ الشمسَ

لا روحَ تؤنسُكَ الآنَ يا جَسَداً يتجلّى على نرجسِ الروحِ

لا تمتَحنّي بها

فلها وحدها

أفتَحُ الشّرُفاتِ على وسعها وأصلّي لها

أن تعودَ إليكَ ،إليَّ إلينا لتحيا

فأحيا وأحيا ونحيا

فلا تتركيني وحيداً وحيداً

فلا جَسَدٌ دونَ روحِهِ يحيا

ولا الروحُ تحيا بِغَيرِ الجَسَدْ

(سليمان دغش- فلسطين)

من ديوان : سفر النرجس دار الجندي. القدس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات