نصوص هايكو بقلم: جوليا الشيخ

 




زخات مطر

دموع تختبئ

سر في القلب


سر في القلب

شفتيك تحكيه

دون بوح


مطر ثقيل

يطرق أبواب القلب

دون إذن


أثر الخطوات

في الرمل يختفي

قبل المساء


همسات الريح

 تأخذني إلى الماضي

قلبي يتساقط


الأمطار تهطل

على النوافذ الصماء

 تسحب الذكريات


أخاف على شفتيك

من نسمة باردة

قلبي يذوب


حتى الصباح

وجهك لا يمحوه الليل

همس المطر


قطرات مطر

تساقطنا معا

في بحر من ضوء


بقلمي

جوليا الشيخ


نصوص هايكو بقلم: محمد العلوي آمحمدي

 




بريشة الريح

أوراق الشجر العاري

تلوّن الخريف

---

على سيقانِ الريح

تتأرجحُ الأوراقُ —

جنائزيةُ الخريف.

---

سيقانُ الريح

تُثيرُ برفقٍ السُّحب —

مخاضُ المطر.

-------

. في ممرِّ الشمس

تتنفّسُ الريحُ الصعداء —

عرقُ الشتاء

---------

إرتجاف

رعشة ليالي الخريف

قمر بين الأمواج


هايكو بوح الصورة بقلم: سامية غمري

 





بيت مهجور

في غياب أصحابه

 يحرسه العنكبوت


 أصيص النافذة

مع كل هبة تعبره

 نسائم الحنين


نافذة اليأس

خلف القضبان

ذكريات سجينة


على الأطلال

تدمع ليل نهار

جدران مرطبة


ورود ذابلة

على نافذة الغيم

صبايا حالمة


بيت قديم

متدهور الحال

شيخ وحيد


شرفة الإنتظار

متدثر الصقيع

ليل الغربة


إرث

من دهاليز الماضي

بيت مهجور


نافورة الحديقة

يابسة الزهور

بيت جدي


سامية غمري


أنبئيني بقلم : محمد العتبي


 


أنبئيني....


من أي فج سوف تبزغين...

 

ومن أي صوب ستنحدرين.!

 

أي… ضوع الياسمين… وهمس الفراشات

 

وعصارة السنين...

 

خبريني ولو بإيماءة خجلى

 

أو بطائف منك على جناح الأثير

 

يأتيني...!

 

غمست كلماتي برذاذ المطر…

 

ولونتها بعطر حكاياتك المقيدة

 

على أهدابي...

 

وأذعتها مدونة للعابرين...

 

ما تفتأ ترانيمي تشدوك

 

نشيدا لا يبلى...

 

ترنيمة تخالط دمي...

 

تشعل بي جذوة الجوى...

 

تعطيني وهجًا... تمنحني دفقًا

 

تسلمني لأبواب الفراديس المكنونة

 

تثملني خيوط الفجر...

 

إذ تأتيني...بريحك…

 

فأبعث من جديد...

 

#محمد العتبي

عبقرية المتنبي والسرقات الشعرية: بقلم: عماد خالد رحمة

 




عبقرية المتنبي والسرقات الشعرية:

مناظرة بين الإبداع والاقتباس في النقد العربي القديم

يظلّ المتنبي قامةً شاهقة في تاريخ الشعر العربي، شغلت شعره الأفهام قبل العيون، حتى غدا ظاهرةً تُقرأ أكثر ممّا تُروى. غير أنّ هذه العبقرية كانت سببًا في إثارة عواصف النقد حوله، خصوصًا في قضية «السرقات الشعرية» التي تحوّلت من طعنٍ في شاعر إلى جسرٍ فكريٍّ أنجب وعياً نقدياً متجدداً.

المتنبي بين التهمة والعبقرية

اتّهم خصوم المتنبي بالشطط في تمجيد الذات والمبالغة في تصوير البطولة، ورأوا أنّ في شعره اقتباسًا من السابقين يرقى إلى «السرقة». ولكن أنصاره، وفي مقدمتهم ابن جني، اعتبروا أنّ التشابه ليس انتزاعًا بل تحويلٌ خلاّق. فقد قال ابن جني كاشفًا سرّ عبقريته:

«يأخذ المعنى فيردّه أعذب مما أخذه»

كان هذا القول إرهاصًا مبكرًا لفكرة إعادة تشكيل المعنى، وهي لبّ البلاغة الحديثة.

الجرجاني وابن فورجة:

تفكيك النص بين النقد والدفاع

لم يكن عبد القاهر الجرجاني — على شدّة دقته — خصمًا مطلقًا للمتنبي؛ في الوساطة حاول حماية الذوق من الإفراط في تعظيم الشاعر، معترفًا له بالسبق والصياغة المحكمة، لكنه لم يُعفه من المآخذ والانتحال.

أمّا ابن فورجة فجعل نفسه في صفّ المتراس، يردّ الاتهامات بالتحليل المقارن، مؤكّدًا أن المتنبي:

لا يعيد المعنى كما وُلد بل يخلقه خلقًا جديدًا

وقد برز اتجاه ثالث يرى أنّ الشعر ميراثٌ تراكميّ، ولا عبقرية تقف خارج التاريخ.

حدود الإبداع… أين تبدأ السرقة؟

أشعلت مناظرات المتنبي سؤالًا ما يزال حيًّا في النقد الحديث:

الإبداع السرقة

تحويل الموروث إلى جديد تكرار بلا ابتكار

امتلاك النص روحًا وشكلاً استلاب صريح للمعنى

توسيع الصورة وإشراق العبارة نسخ جامد لما سبق

وخرج سؤال فلسفي يعلّق في الهواء:

هل يمكن للشاعر أن يخلق من فراغ؟

أم أنّ الذاكرة رحمُ الإبداع؟

أثر المتنبي في تطوّر النظرية البلاغية

مفارقة كبرى صنعت مجد المتنبي:

اتهامه بالسرقة أطلق شرارة البحث في أصل المعنى ومبنى العبارة، ورسّخ ما سيُعرف لاحقًا بـ التناصّ دون أن يُسمّى. لقد تحوّل شاعر واحد إلى مختبر نقديّ ضخم:

انتقلت البلاغة من وزن البيت إلى روح المعنى

وُضعت معايير الفارق بين «التأثر» و«الاستلاب»

ظهرت الذات الشاعرة بوصفها صانعة للغة لا ناقلةً لها

المتنبي… شاعر يبتكر نسبه

لم يكن المتنبي ناسخًا بل خيميائيّ المعنى؛ يأخذ من التراث ما يشاء، ثم ينفخ فيه من كبريائه وهواجسه، فيولد نصًّا لا يشبه إلا نفسه. لذلك قال بثقة نادرة:

ما أرانا نقول إلا معادًا

قد تُريد العصور قولَهُ فَيُقالُ

إنّ القصيدة عنده جسر بين الموروث والعبقرية، وليست أبدًا حفرًا في الماضي.

خاتمة

إنّ معارك المتنبي النقدية لم تهزه، بل رسّخت مكانته. فقد خرج من صراعاته أكثر وهجًا، لأنّ نتاجه أعاد للغة سلطانها، وللخيال أفقه المفتوح.

ولذلك بقي المتنبي — كما قال الجرجاني — شاعرًا:

«ما رأى الناسُ مثلَه، ولا رأى هو مثلَ نفسه»

فالعبقرية لا تُقاس بما اقتبسته من الآخرين،

بل بما أضافته إليهم.

لهذا صار المتنبي معيار الإبداع:

لا يتكرّر… بل يُكرِّر تعريف الشعر نفسه

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات