نهاية الحكاية بقلم :سعيد ابراهم زعلوك

 



نهاية الحكاية

جلست الحكاية على أطراف الليل،

تئنُّ تحت ثقل الكلمات الضائعة،

تغلق أبوابها برفق، كما يغلق الليل نافذة على المدينة،

وتهمس للغياب بما لم يُقال بعد.

الأحلام التي لم تولد بعد،

تنتظر ضوء الصباح،

والذكريات، حتى المرّة منها،

تتحول إلى نجوم صغيرة تهدي الليل،

ورائحة الغياب تمتزج بهمس الريح،

كأن الزمن نفسه يراقب خطواتنا الصامتة.

القلب يهمس باسمك،

ويبقي على ما بقي لنا من ضوء،

لعل الصمت يصبح لغةً تفهمها الروح،

والرحيل يتحول بداية،

وفي كل ظلٍ، نرى بصيص الأمل يلمع.

كل نهاية، مهما بدت حزينة،

هي دعوة لنكتب بأيدينا

ما لم يُكتب بعد،

بشغف، بحب، وبإصرار على ألا يزول النور،

ونمضي، حاملين معنا ضوء الحكاية،

ونؤمن أن الليل مهما طال،

هو مجرد مدخلٍ لفجرٍ جديد.

سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك


وهَنُ الحَرف بقلم: رؤوف بن سالمة

 




وهَنُ الحَرف

رؤوف بن سالمة/ الحمامات..تونس

أروم من وهن ملامسة الحرف

..وأتحرّق شوقا لنسج ما يعتريني

سطورا  تخترق إعيائي وفتوري

..فلا يسعني هذا الزمن ولا يسعفني

وبعزم أنهض وقد خانني الكلم

..وبعد فتور  نضا ثوب الظلام

أمسكت بتلابيب غابر الزمان

..وأشعّت من سناه  بيض الأيّام

وأبان الحنين شدّة وجدي

.. وماعتراني  من جنون الهيام

فسطره حبل آسر الذكرى

..على جدار بهي زاهر أيّامي

وأشرقت صفحات المجد

..وزانها طيب صادق إلهامي

رؤوف بن سالمة/الحمامات..تونس


سيرةُ الخطأ بقلم سعيد العكيشي

 




سيرةُ الخطأ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنا الصوتُ الذي أضاعَ صداه،

الحنينُ الذي زرعَ معناهُ في طريقِ الانتظار،

كالذي يزرعُ الألغامَ

في طريقِ عدوٍّ لم يولد.

أُحدّثُ نفسي،

فيُجيبني الحزنُ بصوتي،

كما لو كنتُ خطأً مطبعيّاً في آلةِ القدر،

أو كلمةً تُركتْ لتكتبَ نفسها بنفسها

الحظُّ يمشي نحوي،

ليتأكّدَ أنني خطأُهُ القديم،

وأنا أبتسمُ له

كما يبتسمُ الغيابُ

لمن يبحثُ عنه في المنام.

الأشياءُ التي مرّت بي

تقولُ: نحنُ الأصل،

وأنت الاحتمالُ الخطأُ الذي حدث،

أبحثُ عن صدىً يعترفُ بوجودي،

فأجدُني الصدى الذي ينكرهُ الصوت.

أصبحتُ ثلاثة:

أنا، والصوتُ، والصدى،

أتناوبُ على السيرِ

في فراغٍ بلا نهاية،

أختبرُ ذاتي في الوجود.

الحنينُ يزرعُني لغماً في كلِّ طريق،

والحظُّ يتربّصُ لي في زاويةٍ لا أراها،

والكلمةُ تتلوّى بين أصابعي،

تحاولُ أن تكتبَ نفسها

دون أن تعرفَ من أنا.

أنا مجرّدُ ترهّلاتٍ

في مرآةِ السراب،

يفكّرُ الوقتُ أن يطيرَ بي

إلى العدم.

       سعيد العكيشي/اليمن


نصوص هايكو بقلم: أنور الأغبري

 




نصوص هايكو

زوار كثيرون

أمام عتبة داري

أوراق الخريف!

___

فوق الركام

لا أنين ولا صراخ

رفرفات فراشات!

___

رجل الثلج

لا يزال واقفًا مبتسمًا

لوحة فنان!

___

هبوب ريح

تتحول أزهار اللوز

فراشات بيضاء!

___

بعد الزلزال

يلاحق الضحايا الأطفال

مستقبل مجهول!

___

شتاء قارس

أنا وقطة مشردة

نسهر معًا!

___

ريح القرية

عجزت عن الشال

أختطفت المشقُر!

___

بستان زهور

لا يزال الغيث يهطل

لوحة فنان!

___

خريف

على بلوزتها ورود

بلا رائحة!

___

رياح متوسطة

إضمامة بالونات  ملونة

ضحكات طفلة!

______

أنور الأغبري

اليمن


نرجس الروح صباح الجسد / سليمان دغش

 





نرجس الروح صباح الجسد / سليمان دغش

( إليها في نرجس الروح )

كيفَ أبدأُ ليلي وحيداً كدمعةِ وجدٍ

تئنُّ على وترٍ في كمانِ المُغنّي الحزينِ

وتسهرُ حتّى الصباحِ البعيدِ البعيدِ

على شمعةٍ تتلاشى رويداً رويداً على هالةِ الضوءِ

كيْ تؤنسَ الليلَ في وحشةِ الجسدِ الآدميِّ

لعلَّ صباحاً ندياً شهيّاً

كوجهكِ ذاك البهيّ كزهرةِ لوزٍ

تطلُّ على ذاتها في احتفاءِ المرايا

يعيدُ إليّ فراشاتِ روحي التي فارقتني إليكِ

بغيرِ وداعٍ سريعٍ كما يفعلُ العاشقون

فيا موتُ ويحَكَ لا تمتحنّي بملءِ الحياةِ

فماذا تقولُ الفراشةُ في حضرةِ الضوءِ

حينَ يُراودُها الموتُ ملتبساً بالحياةِ

على وهَجِ الشوقِ والأسئلةْ

كيفَ أبدأُ ليليَ فيكِ ولا شيءَ يحضرني الآنَ غيركِ فيَّ

أوزّعُ روحي على جسدينِ قريبينِ في البعدِ حدّ التوحُّدِ

يا جَسدي النرجسيّ لماذا تبرأتَ مني

لتسكُنَ فيها

وتسكن فيكَ

وفي الحالتينِ تظلُّ وحيداً

كنايٍ يئنُّ على شفةِ الريحِ حينَ تَمُرُّ

ويبكي على قمرٍ كانَ همَّ بهِ ذاتَ ليلٍ

وأسرى إليهِ على شهقةٍ مُثقلةْ

لستُ أدري إذا كنتُ وحدي هُنا غارقاً في ضبابِ التّساؤلِ

ما بينَ بيني وبيني

وبيني وبينكِ

يا امرأةً تتعرّى وراء ستائر روحي وتأوي إلى مخدعِ الماءِ

ما بينَ جفني وجفني

لماذا أحبّكِ ؟ كيفَ دخلتِ حدودَ المقدّسِ فيَّ

لكيْ تستحمّي بماءِ الينابيعِ

أو تشعلي النارَ في معبدِ الماءِ

يا ماءُ

هل احدٌ غيرها أشعلَ الماءَ بالماءِ فيكِ

فكيفَ إذاً نطفئُ النارَ بالنارِ

في ماءِ أجسادنا كلّما عربدَ الماءُ في جسدٍ

يشتهي جَسَداً حلَّ حتّى توحّدَ فيهِ

أو استبدَلهْ

كيفَ يا فتنةَ الروح

كيفَ رحلتِ بغيرِ وداعٍ

يبلُّ بيَ الريقَ في عطشي المستبدِّ على حافّةِ الماءِ

كيفَ تجرّأتِ وَيحَكِ أن تتركيني وحيداً

كنجمٍ هوى من مدارةِ خلخالكِ الغجريِّ

خُذيني إليه إليكِ ورُدّي إليَّ الضّحى المتوهّجَ في فُلِّ ساقيكِ

كمْ فُلّةٍ سوفَ تبكي على حالها

كلّما مسَّ خلخالها الماءُ أو قبّلهْ

ها أنا أعبُرُ الليلَ وحدي على عتمةِ الروحِ

أسألُ عن قمَرٍ كانَ يوماً نديمي

على شرفةِ الله في ظلّ جفنيكِ

لا تتركيني وحيداً

فلا ضوءَ يملأُ روحيَ بعدكِ

كيفَ سرقتِ القناديلَ من شرفةِ الحلْمِ

ما أطولَ الليل من غير حُلْمٍ

يدُلُّ النوارس عن شاطئِ البحرِ

حينَ تتيهُ النوارسُ في آخرِ الليلِ

ما بينَ عينيكِ يا امرأةً يشتهي البحرُ خلخالها

ويصلي لها الفجرُ بالبسملةْ

كيفَ أختمُ ليلي الطويلَ الطويلَ

كشعركِ حينَ يخبئُ خلفَ حريرِ ستائرهِ الشمسَ

لا روحَ تؤنسُكَ الآنَ يا جَسَداً يتجلّى على نرجسِ الروحِ

لا تمتَحنّي بها

فلها وحدها

أفتَحُ الشّرُفاتِ على وسعها وأصلّي لها

أن تعودَ إليكَ ،إليَّ إلينا لتحيا

فأحيا وأحيا ونحيا

فلا تتركيني وحيداً وحيداً

فلا جَسَدٌ دونَ روحِهِ يحيا

ولا الروحُ تحيا بِغَيرِ الجَسَدْ

(سليمان دغش- فلسطين)

من ديوان : سفر النرجس دار الجندي. القدس


Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات