سُورِيّا... أُنثى
الحُرُوبِ الجَمِيلَةِ
سُورِيّا...
يَا أُنثىً
تُـمَشِّطُ شَعْرَهَا بِلَهِيبِ القَذَائِفِ،
وَتَكْتَحِلُ
بِالدُّخَانِ،
وَتَرْتَدِي
فُسْتَانَهَا المُطَرَّزَ بِالشُّهَدَاءِ.
يَا قُبْلَةَ
الأَرْضِ،
وَيَا جُرْحِي
القَدِيمَ الجَدِيدَ،
مِنْ أَيْنَ
تَأْتِينَ بِكُلِّ هَذَا الصَّبْرِ؟
مِنْ أَيِّ رَحِمٍ
وُلِدْتِ وَفِيكِ كُلُّ الأُمَّهَاتِ؟
وَفِيكِ كُلُّ
النِّسَاءِ...
وَكُلُّ الأَوْطَانِ
المَصْلُوبَةِ عَلَى أَبْوَابِ الأُمَمِ؟
دِمَشْقُ،
مَا زِلْتِ تَبْكِينَ
فِي فِنْجَانِي
حِينَ أَقْرَأُ
خَبَرًا عَنْ حَيٍّ مَاتَ أَهْلُهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً،
عَنْ طِفْلَةٍ
تُـمْسِكُ دُمَيَتَهَا فِي المُشْرَحَةِ،
عَنْ رَجُلٍ يَحْمِلُ
حُرِّيَّتَهُ مَلْفُوفَةً بِكَفَنٍ.
يَا بِلادًا خُلِقَتْ
مِنَ العِطْرِ وَالسِّكِّينِ،
مِنَ الزَّيْتُونِ
وَالغَازِ المُسِيلِ،
مِنَ اليَاسَمِينِ
وَالدُّمُوعِ،
يَا بِلادًا تُصْلَبُ
عَلَى شَاشَاتِ العَالَمِ
كُلَّ مَسَاءٍ...
وَلَا يَصْرُخُ
أَحَدٌ!
أَنَا شَاعِرٌ
مَسْكُونٌ بِالثَّوْرَةِ،
وَحُرُوفِي
بُنْدُقِيَّةٌ لَا تَصْدَأُ،
فَحِينَ أَكْتُبُ
عَنْكِ
أَشْعُرُ أَنَّ
الكَلِمَةَ قُنْبُلَةٌ فِي وَجْهِ الطُّغْيَانِ،
وَأَنَّ الحِبْرَ...
دَمٌ يَسْرِي مِنْ
حَمَاةَ إِلَى دُومَا،
مِنْ دَرْعَا إِلَى
إِدْلِبَ،
وَمِنْ قَلْبِي...
إِلَى الجِدَارِ.
يَا سُورِيّا،
يَا شَهِيدَةً
تَمْشِي عَلَى قَدَمٍ وَاحِدَةٍ،
يَا أَيْقُونَةَ
الجِهَادِ فِي زَمَنٍ
تَبَدَّلَ فِيهِ
الشُّرَفَاءُ إِلَى بَائِعِينَ!
أُقْسِمُ أَنَّ
القَصَائِدَ خَجْلَى،
وَأَنَّ الكُتُبَ
تَمَزَّقَتْ،
وَأَنَّ الشِّعْرَ
بَاتَ بِلَا جَدْوَى
مَا لَمْ يُكْتَبْ
مِنْ تُرَابِكِ...
وَبِدَمِكِ...
وَمِنْ نَبْضِ مَنْ
رَحَلُوا كَيْ تَبْقِي.
حُرِّيَّتُكِ...
لَيْسَتْ نُزْهَةً
فِي الحَدِيقَةِ،
وَلَا شِعَارًا عَلَى
الجُدْرَانِ،
هِيَ طَلْقَةٌ
تُطْلَقُ فِي وَجْهِ الغِيَابِ،
وَصَوْتٌ يَقُولُ:
"أَنَا هُنَا"
وَلَوْ لَمْ يَبْقَ
سِوَى حَجَرٍ...
يَنْطِقُ بِاسْمِكِ،
يَا سُورِيّا.
محمد الموسى


.jpg)
.jpg)
