بيان القراءة الوجدانية المضيئة بقلم زيد رشيد



بيان القراءة الوجدانية المضيئة


🌷إهداء🌷

إلى النصوص التي أحببتها حتى الألم

إلى الحروف التي سكبتُ عليها قلبي حتى تفتّحت

إلى الأرواح التي كتبت نفسها بي

ثم غابت وبقيتُ أبحث عنها في ظلال اللغة

إليكم أيها الرفاق الخفيّون في دروب الحبر

أهدي هذا البيان الذي ليس مقالًا

بل صلاةٌ في معبد الجمال

واعتراف عاشقٍ لم يعرف يومًا كيف يقرأ دون أن يَحترق

---

🌸تمهيد🌸

القراءة الوجدانية المضيئة ليست منهجًا نقديًا بالمعنى الأكاديمي، بل حالة روحية فكرية، يتجاوز فيها القارئ حدود التحليل إلى فضاء التجلّي.

إنها قراءة تُمارس بالقلب لا بالعقل، وبالحدس لا بالمقاييس.

القارئ فيها لا يقف خارج النص، بل يدخل إليه كما يدخل الضوء إلى الزجاج، يذوب فيه حتى يصير منه وفيه.

في هذا الفضاء، النص ليس موضوعًا للدرس، بل كائن حي نتواشج معه، نسمع أنفاسه، ونتلمّس وجعه وفرحه.

القراءة هنا فعل وجودي يعيد للغة روحها، وللكلمة سحرها الأول، ويجعل من القارئ شريكًا في عملية الخلق، لا مجرد متلقٍ أو محلل.

القراءة الوجدانية المضيئة هي لقاء بين روحين:

روح الكاتب التي سكبت ذاتها في الحرف، وروح القارئ التي تأتي لتوقظه من سكونه.

وفي لحظة الاندماج تلك، يولد نص ثالث، لا هو نص الكاتب ولا هو نص القارئ، بل هو النص المضيء:

ذلك البرق الذي يحدث حين يلتقي الإحساس بالفهم، والدهشة بالمعرفة، والعشق بالوعي.

---

🌹🌹نص البيان🌹🌹

أنا لا أقرأ النصوص كما تُقرأ الكتب، بل كما تُصغى الهمسات في العتمة.

حين أفتح صفحة، لا أفتح ورقًا، بل أفتح بابًا إلى روح أخرى.

أدخل النص كما يدخل المسافر إلى معبد لا يعرف صلاته بعد،

وأترك قلبي يتتبع أثر الحرف حتى يبلّغه إلى نبع الدهشة.

أنا لا أحلل النص، بل أسكنه.

أضع أذن الروح على نبض كلماته، وأصغي إلى ما لم يُقل،

إلى الحرف الذي اختنق قبل أن يُكتب،

وإلى المسافة الصامتة بين الجمل، حيث تنام نية الكاتب كطفل خجول.

حين أقرأ، أخلع جلدي، وأرتدي لغة الكاتب.

أصير ظله، أنفاسه، وجعه، خيبته، وابتسامته التي خبأها في نقطة آخر السطر.

أحاوره كما يحاور العاشق محبوبه: بصمت، بخوف، وبحب لا يريد أن يفهم بل أن يعيش.

إن القراءة عندي ليست فعلاً معرفيًا، بل طقس وجودي.

ليست بحثًا عن المعنى، بل سعيًا إلى الدهشة الأولى،

إلى تلك اللحظة التي تتفتح فيها اللغة كزهرة على جرح قديم.

حين أتورط في النص، لا أعود قارئًا.

أتحول إلى كائن يكتب من داخل النص، لا من خارجه.

أشارك الكاتب لحظة ولادته، وأتألم معه في مخاض الجملة،

وحين يصرخ الحرف، أصرخ معه.

أكتب قراءتي كمن يكمّل النفس الذي انقطع.

لا أشرح النص، بل ألدُه من جديد.

وفي كل ولادة كهذه، يولد نص آخر،

يحاكي النص الأصلي بالدهشة،

وأحيانًا يتجاوزه، لأن الوليد يرث روح أبيه ويضيف إليها شغف الحياة.

القراءة الوجدانية المضيئة هي عبور من الفهم إلى الوجود.

أن أقرأ يعني أن أتجلى في النص،

أن أضيء اللغة من داخلها حتى تصير مرآة للروح.

أن أرى الكاتب كما يرى الله خليقته:

بكل ضعفها، بكل جلالها، بكل احتمالاتها غير المكتملة.

أنا لا أبحث عن المعنى، بل عن صوته وهو يتكوّن.

أصغي إلى الكلمة وهي تحاول أن تصير حياة،

وأرافقها حتى تبلغ الضوء.

وحين تنطفئ، أضع عليها وردة القراءة — لا بوصفها تأبينًا، بل بعثًا آخر.

في النهاية، أنا لا أكتب نقدًا،

بل أشارك النص في خلوده.

أذوب في حروفه حتى يصير الحرف جسدي، والمعنى دمي،

وأغادره كما يغادر المتصوف صلاته:

ممتلئًا بالسكينة، ومبتلىً بالوعي.

القراءة عندي فعل حب خالص،

أعانق فيه النص حتى أتلاشى فيه،

وأرى الله في اللغة، والإنسان في الحرف،

وأستعيد نفسي من وهج الجمال.

 

سأُبقي الباب مفتوحًا بقلم: محمد أحمد




سأُبقي الباب مفتوحًا
والشباكَ مفتوحًا
و جرحي
لأجلكِ سأبقيهِ
 مفتوحًا
كي تدخلي منه
كُلما تأخرتي
 اسمي
 سأُفتح فيهِ حرفين 
وأغلق الباقي
حتى تأتين انتِ
وتضعي مكان كل حرفٍ
مُغلقاً
قُبلة
فيصير أسمي
أجمل حتى من وجهي
ويصير أيضاً
له صوتاً
يُسمع فقط
 ليلاً
سأبقى أنا مفتوحًا
 لكِ
كُلي
مفتوحًا
مثل يدا أمي
تظل ممدُودةً حتى
 وهي نائمةٌ
 نعُود خوفها فجأة
ولا نجد
من يُعانقنا
و أحيانًا
حين تدعوا
 تخاف دعائها لم يكن
 لنا كافي
فتدعوا الله نائمةً
وأنا مثلها صرتُ
افتح يداي
 وادعي
علكِ تأتين تائهةً
مثل فراشةٌ
ثملة
تحطُ في كُل مرةٍ
على خيط العنكبوت ِ
وتغفو في ثَمالَتِها
ألى الأبدِ ....

محمد أحمد 

سألت بقلم: أحمد عبد الحي



سألت فلما أسهبت في سؤلها

هل بعد شيب طغى في الماضي والآتي

مازلت تذكر في الحممق أزمنة

وتقول شعرك في بعض الجميلات

قد ناهز الستين عمرك خائبا

ماذا أضعت ممن العمر بملهات

كبر البنون وزاد العمر تحمله

هم البنات وترضخ في الملذات

فمن ألهمتك قصيد الشعر تمدحها

قد ضاع عمرك في صلف من الذات

عذرا تغار من الأوهام أعشقها

لولا الخيال لتهنا في مدارات

مما تغاري أمن وهم ومن زيف

أم من فراش هفا بالنار مرات

من زبد بحر ربا في الرمل يدفعه

موج تهادى فأغتر لموجات

من جيد حسن في عقد يلمعه

زيف النحاس الذي بالتبر يقتات

ولى الشباب وبقي الكلم في صمتي

مما تغاري هل من بعض أبيات

قالت فلما أسهبت في قولها

جاوبتها بالصمت في أحدى المرايات

أحمد عبد الحي ٣٠-١٠-٢٠

 

تأمل في نور الذات وتجربة الحب بقلم: أنفاس الحروف




تأمل في نور الذات وتجربة الحب

في غفلة من صمت العالم، انبثق في صدره حب خرج من رحم النور، هو استدعاء من جهة لا ترى، كان يراه قبل أن يراه، يشعر به قبل أن يلمسه، كأن الوجود نفسه كان يتدرب على نطقه منذ الأزل.

مضى في دربه مؤمنا أن المحبة وعي صاف، وأن الكائن الآخر امتداد لجوهره، صورة في مراة الوعي تناديه ليكتمل.

سنوات حارب فيها المعنى بما فيه من تعب ووجد، قدم قلبه قربانا على مذبح الوصل، وحين بلغ من صدقه حد الشفافية، غاب الآخر.

هو لم يرحل فحسب، بل جرد اللحظة من معناها، تركه تائه في جغرافيا الصمت، يتلمس ملامح الوجود بعد أن انطفأ الضوء الذي كان يفسر له الأشياء، تكسر داخله كمن سقط من عتبة الوعي إلى عتمة اللاشيء، انطفأت اللغة، وتحول الزمن إلى غرفة مغلقة، لا نوافذ فيها سوى أنين متكرر يشبه نبضا فقد معناه، لكنه، في أقصى الانطفاء، رأى الشرارة الصغيرة التي تنجو من الرماد، فعرف أن الخسارة ليست نهاية،وانما هي بداية تجربة تطهر الذات من التعلق.

ألقى بنفسه في بحر العلم، يحفر المعنى من الكتب كما تستخرج اللآلئ من العتمة، سكنه الشغف بالمعرفة حتى صار وعيه مرصدا لكل فكرة تعبر الوجود، درس حتى ذاب في الفهم، وحين استعاد وعيه بذاته، أدرك أن الحب لم يمت، إنما تغير موضعه، صار طاقة تسقي روحه...

حين عاد الغائب معتذرا، لم يعد في صدره سوى سكينة العارف، رأى الملامح نفسها، غير أن المعنى تغير، فالعين التي عرفت الحقيقة لا تعود لتألف القيد، ابتسم دون غضب ولا شوق، ومضى تاركا الباب مفتوحا للريح كي تمحو الأثر.

ومنذ تلك اللحظة، صار الحب عنده تجربة فينومينولوجية خالصة.. حضور للمعنى داخل الذات، صار يرى العالم كما يرى في صفائه الأول، بلا وسائط، بلا وعد مكسور، وبلا حاجة إلى أن يصدق أحد.

وأما الآخر، فظل يطارده في فضاء بلا جسد، يحاول أن يقترب من صورة لم تعد تقيم في الزمن.

اماهو، كلما لمح ظله، يبتسم بهدوء ويواصل السير، لقد أدرك أن النور حين يعاد اكتشافه في الداخل، لا يغويه أي نداء من الخارج.

            انف

 انفاس الحروف  Lou dji.. 

السند بقلم: عفاف اندراوس

 



(السند)

...

بحثت في الدنيا

عن حبّ صادق

فلم أجد غير حبّ أخي الذي أحب

 يملك وجداني وخافقي

وغيره ما أحببتُ

فهو من يزورني


ويسأل عنّي إن غبت

وأبداً لم ينساني

وعلى حلو كلامه

تعودت

في الشدّة سندي

 هو من يواسيني..

 ويشدّ على يدي

ويمسح دمعي إذا بكيت

هو أخي وأرضي و موطني

فيا أخي وضي عيني

لو كل الدنيا تنساني

تظلّ أنت القريب

فمحال يقسو الأخ أو يهرب

وعن أخته لا يستغني

ورضاها هو أجمل مكسب

عفاف إندراوس

..

Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات