نصوص هايكو بقلم: أحمد العبيدي

 





أحمد العبيدي


قريةٌ هادئة،

طريقُ ترابٍ قديم

قلوبٌ صافية.


فجرُ حقول،

نسمةُ ريحٍ دافئة

بركةُ أمّ.


ظلُّ نخلة،

ضحكةُ طفلٍ طليق

ساحةُ بيت.


مساءُ قلوب،

قهوةُ جارةٍ طيّبة

دفءُ ديوان.


بابٌ مفتوح،

رائحةُ خبزٍ طازج

كرمُ بيوت.


ليلُ قرية،

قمرٌ فوق السطوح

حكايةُ جدّة.


أرضٌ خضراء،

خطواتُ فلاحٍ صابر

قيمةُ تعب.


تعبت بقلم: سعيد إبراهيم زعلوك

 




تعبت

تعبتُ… كأنّي أحملُ عمرًا على كتفي،

وضاقَ صدري، والفضاءُ من حولي فسيح،

كأنَّ الكونَ جدارٌ يضغطُ قلبي،

وكأنَّ الدربَ بلا مفتاحٍ، بلا مَلاحٍ، ولا نصيرٍ صريح.

أريدُ أن أستريح،

أن أجدَ ظلًّا لا يخذلني،

يدًا تمسحُ وجعي،

وعينًا تقولُ: هنا الأمان، هنا الفرحُ المباح.

متى تُشرقُ شمسُ السعادةِ لقلبي؟

متى يزهرُ من أنيني صباح،

وتنطفئُ جراحُ العمر،

ويكتبُ على جبيني: قد آنَ للعُمر أن يستفيق؟

متى يا ربِّ أصرخُ؟

وأقول: ها قد نِلتُ الحب،

قد زارني الفرحُ،

وأقمتُ له في قلبي عرشًا عَليًّا،

يغسلني نورُه،

ويرفعني جناحُ الروح.

لكنِّي أعلمُ يا ربّي،

أنَّ بعدَ الليلِ فجرًا،

وبعدَ الدمعِ بشرى،

وأنَّ القلبَ وإن أثقلته الجروح،

سيجدُ في رحمتِكَ راحةً،

وفي حنانِكَ مفتاحَ الفرح.

يا ربّ…

خذ دمعي كلَّه،

إن كان في الدمعِ طريقٌ إليك،

وأقم روحي على صبرٍ،

إن كان في الصبرِ بابٌ لرضاك.

سأنتظرُ فجرك،

مهما طالَ المسير،

فما خابَ قلبٌ رفعَكَ بالدعاء،

ولا ضاعَ مَن قالَ:

فيكَ وحدَكَ أستريح .

سعيد إبراهيم زعلوك


نصوص هايكو بقلم: محمد العلوي آمحمدي

 





1.

بداية الحرب،

حيرة حرباء تتلون،

رايات بيض وحمر.


2.

أوراق صبار،

تخفي أحلامًا شائكة،

تجرح ولا ترى.


3. 

تحت الصبار،

تزهر وردة حمراء،

في قلبها شوكة.


4. 

سرب نمل صغير،

يقتات على جدعٍ ميت،

الأوراق تبكي.


5. 

طنين الزنانة،

يرن في سماء الحرب،

يسمعه الصمّ.


6. 

في الليل القارس،

مواء قططٍ حزين،

أجراس سوداء.


7. 

سنبلة محنية،

من فرط أدبها،

تحيي المنجل بخشوع.




إلى وعد⁴ بقلم : الطيب عمر

 




إلى وعد

وها أنا

— في هذا الليل البعيد يا وعد —

أكتب إليكِ كما لو أنّ الحبر نافذةٌ تُطلّ على روحي، وكأن الكلمات هي الطريقة الوحيدة التي تبقّت لي، لأثبت أنني ما زلتُ حيًا، أنني ما زلتُ أقدر على حمل نفسي دون أن أنهار

كما انهارت المدن التي أحببناها ذات صباح... أكتب إليكِ الآن كمن يحاول أن ينتزع قلبه من صدره ليعرِضه أمام الضوء، علّه يفهم شكل الخراب الذي يسكنه، لم أعد أكتب رسائل منفصلة، أصبحت حياتي كلها رسالة واحدة طويلة، غارقة، ممتدّة مثل جرحٍ لم يجد فرصته ليلتئم.

أعيش،

 في هذه المدينة البيضاء كأنني عالق في صفحة محذوفة من ذاكرتي؛ كل شيء هنا بارد أكثر مما يجب، صامت أكثر مما يُحتمل، وكأن المباني نفسها فقدت أسماءها وتعيش على الهامش... أستيقظ كل صباح، وأمشي إلى المطعم بخطواتٍ لا أملكها، وأغسل الصحون وكأنني أغسل وجهًا لا أعرف صاحبه. الماء البارد يجري فوق يديّ، فيوقظ شيئًا كان يجب أن يموت منذ زمن، لكنّه لا يموت… يكابر… يصرّ على البقاء، كما يصرّ الجرح القديم، أن يُذكّرك بأنه لا يزال هناك نيئًا صدئً.

أحيانًا،

 وأنا أقف أمام المغسلة، أشعر بثقلٍ يهبط على صدري دون سبب، أتذكّر ضحكتك—ليس كاملة، بل طرفها فقط—ذلك الطرف الذي كان يرتجف قليلًا حين تحاولين إخفاء ابتسامتك. يرتجف قلبي معها، وكأنني ما زلت أقف أمامك، أحاول بجهدٍ مضحك أن أبدو قويًا بينما أنا في داخلي أتساقط، عظمةٌ، عظمة.

في الليل،

حين ينتهي العمل ويغسل الجميع أيديهم ويمضون، أبقى أنا قليلًا عند الباب. أسمع صريره، فأرتجف... لا أعرف لماذا أصبح صوت الباب يشبهكِ: يفتح العالم عليّ بطريقةٍ لا تحتمل، ويغلقني على نفسي فجأة، كأنه يريد أن يقول شيئًا ثم يتراجع، مثلك تمامًا...

وحين

 ينام الجميع، أعود إلى غرفتي الصغيرة—غرفة تشبه مقبرة بلا شواهد—

أفتح زجاج النافذة قليلًا، لأسمع كيف يسقط المطر على الأسفلت، وكلما هبط المطر على نافذتي، أشعر أن العالم يعتذر لي بطريقةٍ ما، وبهدوءٍ يشبه الاعتراف، وبثقلٍ يشبه الخيانة... أتابع كل قطرة، وكأنني أحصي عدد الأيام التي ضاعت من حياتي، عدد الوعود التي لم تتحقق، عدد الطرق التي سلكتها، وأنا أعلم نهايتها، ومع ذلك مشيتها.

_الطيب عمر


سلسلة حوارات مع هند بقلم: Abd Elghafour Abu Alhasan

 





سلسلة حوارات مع هند

ألا هُبّي بصحنك فأصبحينا يا هند.

لست ساقية أيها الواجم ، قل لي… هل ابتعدتَ عن السياسة أيها العصري؟

نعم… وذلك والله طلاقٌ بائن.

ولِمَ ذلك يا ضائعًا بين عتبات الزمن؟

الكذب يا هند. لعلّك لا تعلمين شيئًا عن الميكافيليّة؟

لا… لكنها تبدو وكأنها نسبٌ لأحد ما!

لا بأس، هي كذلك. بالله قولي لي: ألكِ من الوقت ما يسمح بالاستماع إلى قصتي اليوم؟

واللّات… ما أتيتُ إلا لذلك. هاتِ ما عندك، فإني لك مُصغية.

قد عملتُ يومًا في التجارة، فطلبت من أحد التجار الكبار بضاعة كانت قد نفدت من عندي، فوعدني بأنها ستصل يوم كذا وكذا. وفي الموعد المحدد اتصلت به… فاعتذر مرة أخرى، وحدد لي موعدًا آخر، واعدًا: " وعد شرف"… وكعادتي اتصلت به لأتأكد، وهنا كانت المفارقة يا هند.

ماذا حدث؟

قال إن السيارة انطلقت منذ الصباح، وهي على وشك الوصول، وطلب أن أجهّز إفطارًا للسائق ومرافقه.

هذا جيد!

لا، ليس جيّدًا… لأني أعلم كذبه. ذهبت إلى مطعم قريب، وجهزت الحمص والفول والفلافل والمقبلات… وانتظرت ساعة ولم يأتِ صاحبي.

وبعد؟

اتصلت بالسائق. فأجاب بصوت يغلب عليه النعاس أنه لم يستيقظ بعد! وأن السيارة لم تُحمّل ببضاعتي أصلًا، وأن وجهته في ذلك اليوم ليست جهتي!

والآن؟

والآن لا شيء… كما ترين . اعتزلت التجارة، ومثلها السياسة. وأقرض الشعر… لعلّي أتجاوز كذب أهل الزمان بصدقي مع نفسي.


Featured Post

ماذا بعد؟..بقلم: راتب كوبايا

ثقافات