نوبة ١
أتمسك بدعامة الحائط
جيدا كما أتمسك بك الآن ...، أعرف أنك تذكر مثلي أول التشبث، أعرف كان تصريحا
صادقا اختلط بالأبوة مرة و بالبنوة أخرى عوض الحب الذي سريعا ما يتهالك.
أسند جسدي تماما كما
أسندت كتفي إليك أول مرة في مقهى "الليدو" و أطلق في كل حضن قلق أسئلة
تتطاير كما الآن وحدي أتطاير مع هلع الأطفال الذين فقدوا كل شيء و تمسكوا في
رؤوسهم بضجة ذاكرة لا تسكت يرتفع صوتها كلما اتحد البرد بالحياد.
أقف بكل خوفي أتمسك
بدعامة الأسمنت، أشيح وجهي عن المشهد العام بقوة أغلق عيناي، هذا الثابت الوحيد في
رأسي الآن ...، خارجا تُقصف المُدن و ينجو مثلي حائط واحد يدلك على مدينة ماتت دون
وصية تذكر... عليك أن تنتبه جدا لتراني، لترى الوجع في دمي و الشتاء في فستاني.
- باحة البيت صغيرة
كالمسافة بيننا تتقلص في الباحة وجوه تتحرك أو تتحدث ربما... أُؤكدُ لك أنها تهتز
مرة و أخرى تميلُ كتيار يتقطع ثم يعود، صوت كأنه يكرر أسئلة لا تتعلق بهبة كغابة
داخلي تحترقُ و عرقٌ غرقُ، صوتي بالكاد يُجيب و أتمسك بك أقصد بالحائط الذي يثبتُ
و أنا المتحرك الوحيد الذي يكاد أن يُخلع كباب نخره السوس.
يرتفع صوتها يدوي
كصافرة حرب تنذر خطر يعرج في السقف قد يسقط ليقتلنا جميعا و نموت تماما كما مات
أبي بقوة تتحرك و يصهلُ هائل صوت نعيمة.
- حمزة، حمزة
- ما به حمزة، يجيبها
زوجي
- حرارته، حرارته
- ما بها
- ترتفع
و يهلعان يتجاوزانني
جيئة و ذهابا يبحثان عن خافض الحرارة و عن الترمومتر تمر دقيقتان، عشر دقائق و أنا
أتمتم و لا أحد يسمع.
حمزة يشتعل كحطب في
التنور، حمزة يتفحم، أشم رائحة النار، يعميني الدخان أسعل يتكرر سعالي و حمزة
متفحم في مخيلتي، أصرخ مرة اثنتين حمزة، حمزة، يظهر حمزة، يرد يعود من رماده
كالفينيق تخبو النار ينقشع الدخان، أتحسسه، لا شيء يرعب، طفيفة جدا حرارته.
-: خافض الحرارة و
المحرار في المكان نفسه من عشرات السنين يا عباد ربي
هكذا صرختُ.
أقبلُ شفته الحارة
الطرية الحمراء كجمرة لا تُخمد.
- أين قلتِ أين؟ !
يرتفع صوت رضى ليتبدد النص...، أجيبه، اسحب الدرج… يرد الوسطاني أشير له على الطرف
الأيمن يذهب يغيب لحظة، يعودُ بيده خافض الحرارة، الترمومتر، و مضاد الالتهاب كلهم
في نفس في نفس المكان في نفس البيت في نفس القرية و المدينة و الوطن و... لما
الصراخُ ! لا شيء تغير منذ الاستقلال اقصد مند عقد الاستغلال و تحديدًا منذ أن
أنجبتُ و خافض الحرارة في مكانه و رافع الضغط بكل أذنابه يدورُ.
هلع 2019
Benassou Samia