التنوّع والاختلاف في شكل القصيدة، بقلم: محمد حجازي البرديني

 



التنوّع والاختلاف في شكل القصيدة من عامودي، حر، نثر، هايكو، هايبون، تانكا، جوجيوهكا، تايكون؛ يضفي غنى وإثراء، لفظا ومعنى، على الغة العربية.
بقلمي: محمد حجازي البرديني.

1- النص الأول: الشعر العمودي.
العنوان: بشائر النور.
يا فَجرُ قد أشرَقتْ في الحُزنِ أنجُمُنا
وعادَ وجهُ رجاءِ اللهِ يَبتسِمُ
كَمْ ليلُنا ظلَّ يَستجدي تبسُّمَهُ
واليومَ يغسلُنا الإشراقُ والنَّسَمُ
هذي الحياةُ، وإن أودتْ بأُمنِيَةٍ
تبقى تُعيدُ لنا من صَبرِنا نِعَمُ
فانهضْ، فما خُلِقَ الإنسانُ من خَوَرٍ
بل في جبينِهِ نُورٌ به يُلهمُ.

2- النص الثاني: الشعر الحر (التفعيلة).
العنوان: رائحة التراب.
أعودُ من المدنِ البعيدةِ
وفي حقيبتي
حفنةُ غبارٍ من قريتي القديمة.
كنتُ أظنُّ أنَّ الغيابَ يُشبهُ البحر،
فإذا به جدارٌ من الصمت.
في الأسواقِ المضيئةِ
رأيتُ وجوهًا بلا أسماء،
وسمعتُ لهجاتٍ بلا قلبٍ.
وحينَ شممتُ الترابَ
عرفتُ أنَّ الوطنَ
لا يُكتبُ في الجواز،
بل في النَّفَسِ الأوَّلِ حين نولدُ.

3- النص الثالث: قصيدة النثر.
العنوان: مقعد فارغ في الذاكرة.
كان يجلسُ هنا — في الركن ذاته —
يضحكُ بطريقةٍ تُوقظُ العصافيرَ في قلبي.
الآنَ، لا أحدَ سوى الصمتِ.
أحاولُ أن أضعَ كوبَ القهوةِ مكانَ كفّه،
لكنّ البخارَ يهربُ كأنه يعرفُ الحقيقة.
الفقدُ لا يحدُثُ دفعةً واحدة،
إنّه يُسقِطُنا قطرةً قطرةً من أنفسِنا.

4- النص الرابع: شعر هايكو.
العنوان: المطر والذاكرة.
بعد المطرِ —
رائحةُ الطفولةِ
في قلبِ الطين.

5- النص الخامس: قصيدة هايبون.
العنوان: الطريق إلى الجنوب.
كانت الشمسُ خلفي،
وكنتُ أسيرُ بلا وجهةٍ سوى أن أجدني.
كلُّ محطةٍ تُشبهُ سؤالًا جديدًا،
وكلُّ غريبٍ يضعُ في عيني مرآةً.
في الجنوب،
تعلّمتُ أن الطريقَ لا ينتهي عند المكان،
بل يبدأُ حين نفهمُ الصمت.
عُصفورُ سَفرٍ —
يحملُ بين جناحيهِ
نداءَ البيت.

6- النص السادس: قصيدة تانكا.
العنوان: لقاء بعد فراق.
على المَحطّةِ
التقينا صدفةً —
والقطارُ يرحلْ —
قلبيَ المذهولُ همسَ:
كأنّ العمرَ عادَ لحظةً.

7- النص السابع: قصيدة جوجيوهكا.
العنوان: ساعة الرمل.
الوقتُ لا يَجري —
نحنُ الذينَ نسقطُ فيهِ
حبةً بعد حبة.
كلُّ لحظةٍ تمضي،
تُبدِّلُ شكلَ ملامحِنا.
هل نحنُ أبناءُ الزمن؟
أم هوَ ابنُنا الذي
تركناهُ وحيدًا في العاصفة؟

8- النص الثامن: قصيدة تايكون.
العنوان: أنا والنجمة.
من أعلى الجبلِ
أنظرُ إلى المجرّةِ —
كم نحنُ صغارٌ...
وكم فينا من عظمةٍ
لا تُرى بالعين.
أُرسلُ إلى السماءِ سؤالًا:
"هل تعرفينَ اسمي؟"
فتومضُ نجمةٌ
كأنها تقولُ:
"نعم، أعرفُ أنَّك تسألُ لتتذكّرَ مَن أنت."

محمد البرديني.
الاثنين 8 / 9 / 2025 م.

Comments

Popular posts from this blog

الف لاء و نعم .. بقلم: شُــذور الأدب

أضداد بقلم: الطيب عمر السنوار

تأملات في وجه الوطن: Julia Alshikh

أمطار تشرين...محمد الصالح بوبكر

دموع على حافة الرواية، بقلم: Fatma Shikh‎‏